وهذا موضوع تثقل على النفس الكتابة فيه، خاصة وأن فيه امتهانا للجثامين التي يجب أن تكرم، ولكنها بدلا من ذلك ألقيت في العراء، صحيح أنها حفظت في عربات مثلجة لحفظ الخضروات والفواكه، ولكن ما الفرق بينها وبين العراء وخاصة إذا تراكمت الجثامين فوق بعضها، وهذا غالبا ما حدث مما جعل الصيحات تتصاعد مستنكرة ذلك، ولم يجد الوزير حلا مع الأسف سوى عزل مدير الشؤون الصحية وتعيين مدير جديد محله، مع أن المدير معذور، فثلاجات حفظ الموتى محدودة، وغالبا ما تظل مشغولة بالجثامين مدة تطول أو تقصر حسب الإجراءات الروتينية والبيروقراطية، وبعضها يمكث في الثلاجة ستة شهور أو أكثر، ولهذا فإني أجد العذر لمدير الشؤون الصحية، وهو أحسن صنعا باستئجار ثلاجات لحفظ الخضار والفواكه، ولو أن منظر الجثث المتراكمة يستدعي إلى الذاكرة المقابر الجماعية.. وثمة شيء آخر يتصل بهذا الموضوع فحينما يموت شخص في العائلة يجري استدعاء طبيب يكشف على الجثمان ويصدر شهادة بالوفاة، أما الآن كما علمت فعلى أهل الميت أن يحملوه إلى مستشفى حكومي ليجرى الكشف عليه، وتستخرج شهادة بالوفاة، وهذا الوضع يستدعي أن يكون هناك طبيب جاهز لمثل هذه الحالات، مع أن أطباء مستشفياتنا لا يجدون وقتا للأحياء، والنتيجة أن يبقى الجثمان جاثما لساعات طوال إلى أن ييسر الله له طبيبا يكشف عليه، هذا عدا عن تكاليف الإسعاف الذي ينقله من وإلى المستشفى، فحنانيكم على الناس الأموات منهم والأحياء.