من الضروري جداً فحص جميع المواليد الجدد بعد الولادة؛ لأن بعضا منهم قد يبدو سليماً ولا تظهر عليه أية أعراض مرضية، ولكنه في الحقيقة يكون مصابا بأحد الأمراض التي لا تظهر أعراضها بعد الولادة مباشرة، ولقد أظهرت الدراسات أن هناك أكثر من 300 مرض من أمراض التمثيل الغذائي الوراثية في العالم، وأن القليل منها فقط هو ما يمكن معالجته، وأن هذه الأمراض تتسبب في حالات مرضية شديدة ووفيات كثيرة بين الأطفال حديثي الولادة، وتكون هذه الأمراض مسؤولة عن 20% من الحالات المرضية لدى حديثي الولادة، الذين يتطلبون عناية خاصة طوال الحياة وتسبب 18% من حالات التخلف العقلي و25% من حالات متلازمة الوفاة المفاجئة. لاشك في أن الأمراض الوراثية في مجملها أمراض مستعصية يصعب علاجها لذلك لابد من الكشف المبكر عنها أو الوقاية منها لضمان حياة أفضل للطفل والأسرة، تشير الإحصائيات الحديثة عن وجود مولود مصاب لكل 1000 طفل يولد سنويا وتعد هذه النسبة عالية جداً مقارنه بباقي دول العالم، فيما يخص طريقة الفحص المبكر للمواليد ونوع العينة المطلوبة يتم الفحص بأخذ قطرات دم من كعب المولود وتنقط على كرت النشاف بين 48 إلى 72 ساعة من الولادة وترسل العينة لمختبر متخصص في فحوصات المواليد الوراثية ليتم فحصها باستخدام تقنيات حديثة. وقد يحتاج المختبر إلى إرسال عينة أخرى من الطفل فهنا لا داعي للقلق فهذا لا يعني بالضرورة أن الطفل مصاب ولكن بعض العينات قد لا تكون سحبت بالطريقة الصحيحة وفي الوقت المناسب أو قد يحتاج المختبر إلى عينة ثانية للتأكد من النتيجة الأولى وإنشاء التقرير الخاص بالتحليل بصوره نهائية. ويقوم المختبر بإرسال النتيجة للطبيب المعالج ويقوم الطبيب بدوره بإبلاغ النتائج لأسرة الطفل وتوجيههم للخطوات الأخرى التي يلزم إتباعها، أما النتائج الطبيعية فترسل إلى الطبيب المعالج وذلك خلال وقت لا يتجاوز الاسبوعين من ظهورها، إن البدء في العلاج المبكر والانضباط في برنامج الحمية العلاجية يحد من الإعاقة الذهنية والجسدية ويوفر حياة مستقرة للطفل والأسرة. كما أن التشخيص المبكر للمواليد يتيح لنا اكتشاف المرض خلال الأيام الأولى من عمر المولود وبالتالي معرفة الطفرة الوراثية في وقت قياسي ومن ثم اتخاذ سبل الوقاية في الحمل القادم وكذلك البدء في فحص بقية أفراد الأسرة والأقارب خاصة المقبلين على الزواج. * قسم الطب الوراثي