«نورة» امرأة عاملة تحمل طفلتها معها كل صباح، حيث تخشى وضعها مع أي خادمة، ورغم اجتهادها كثيراً إلاّ أنها لم تجد دار حضانة قريبة من عملها، وهو ما يؤثر في راحتها، بل ويؤثر سلباً في صحتها. ويحمل كثير من النساء نفس المعاناة، وهو ما يدعو إلى المطالبة ب «دور» حضانة لأطفالهن داخل المنشآت الحكومية، لتجعل الأمهات قريبات جداًّ من أبنائهن، وبالتالي عدم الخوف عليهم إطلاقاً، وهو ما يسهم في نهاية الأمر إلى راحة المرأة العاملة وزيادة انتاجيتها. «الرياض» تُسلط الضوء على القضية، للوقوف على معاناة النساء العاملات، مع طرح الحلول المناسبة، فكان هذا التحقيق: وفاء: أنا مع الكادر المتخصص! حل مقنع في البداية قالت «منار عبد الله»: إن وجود مرحلة الحضانة ورياض الأطفال في كل مكان تعمل فيه المرأة، يُعد مطلباً مهماً، سواء في المدارس أو الجامعات أو حتى القطاعات الأهلية والشركات، بحيث تدفع الأم مبلغا رمزيا لضمان أمان وراحة أطفالها، إلى جانب تعلمهم واختلاطهم بالعديد من الأشخاص الذين يتعلمون منهم روح التنافس الشريف، مضيفة أن هذا الأمر يُعد حلاًّ مقنعاً للمرأة العاملة، وذلك لما نراه الآن من عدم ثقة بالخادمات، إلى جانب المشاكل التي تحدث جراء وجود الأبناء معهن طوال اليوم، كذلك ليتعلم الطفل منذ صغره على التنظيم والترتيب، خصوصاً في مرحلة الروضة. جواهر: الخوف والخجل نتيجة طبيعية بيئة عمل مريحة وأوضحت «دانة السماري» أن إلزام المرأة العاملة بدور الحضانة، يوفر بيئة عمل مريحة لها وأمانا لطفلها، مضيفةً أن عدم التحاق الأبناء في تلك الدور يؤدي إلى قلق وخوف الأم، كما أن افتقادها ذلك يؤدي إلى تغيبها عن العمل في حال مرضهم أو رعايتهم. وطالبت «أم خالد» بأن يكون للأطفال مجال اهتمام أكبر من قبل المؤسسات التي تعمل فيها المرأة، لإنها قد تضطر إلى تقديم إجازة تصل إلى عام كامل وأكثر؛ لعدم وجود أحد يهتم بأطفالها. على أعصابي وقالت «العنود صالح»: لم أستطع إلحاق طفلتي بدور الحضانة، لعدم وجود دور قريبة من المنزل أو مكان العمل، مضيفةً أنها استقدمت خادمة تهتم بها حال خروجها إلى العمل، لافتةً إلى أنها في فترة مكوثها في العمل تظل على أعصابها، وأنها في كل وقت تتصل بالخادمة لتطمئن على ابنتها، ولا تعلم إن ما تقوله صحيحاً أم زيفاً، مبينةً أن هذا الأمر قد يؤثر على إنتاجية المرأة في العمل، ذاكرةً أنها لم تجد حلاً مناسباً لمشكلتها، مطالبةً بإلحاق كل منشأة تعمل بها المرأة بدور حضانة، لتهنأ الأم بمستقبل وظيفي وبعطاء في عملها. مها: دول العالم لم تغفل هذا الأمر اختيار العاملات وطالبت» ابتسام الشهري» أن تنشئ الجهات الحكومية والمؤسسات التي تعمل فيها المرأة أماكن لإلحاق الأطفال بها، وذلك للصعوبات التي تتكبدها المرأة العاملة في حال وجود طفل لديها، مبينةً أن إلحاق الأطفال بدور حضانة بعيدة عن أماكن العمل، فإن ذلك يقود إلى عدم الإفادة منها؛ لأنه من الممكن انتهاء دوام تلك المنشأة في وقت مبكر، ونضطر إما لخروجنا من أوقات العمل الرسمي بشكل متكرر، أو وضعهن عند الخادمة، ذاكرةً أنه لو التحق الأطفال مع أمهاتهم في أماكن عملهن لحين خروج الأم، وبمبلغ رمزي تتقاضاه تلك الحضانة، لكان أكثر أمانا للأم وللطفل، بل وستجد الأم الراحة التامة، وتستطيع بين الحين والآخر أن تطمئن على طفلها، مشددةً على أهمية اختيار العاملات في تلك الدور ليكونوا أكثر آمانا وصحة. كادر متخصص وعارضت «وفاء السهلي» مشرفة برامج صعوبات تعلم بمنطقة القصيم، إلزام المرأة بإلحاق أطفالها بدور الحضانة، مرجعةً ذلك لقلة الاهتمام بنظافة الطفل ومواعيد تغذيته، مضيفةً أن أغلب من يعملن بدور الحضانة غير مؤهلات لحضانة الأطفال ورعايتهم، خاصةً أن تلك الدور تميل للكسب المادي، كما أن العاملين بالقطاع الحكومي يكون الهدف الأساسي هو الحصول على الوظيفة من خلال رياض الأطفال، التي لا تشترط بالعادة أي مؤهلات، مشيرةً إلى أنه عند إلحاق أطفالها بدور الحضانة، فلابد من شروط تضعها في الحسبان، وهي أن يكون الكادر العامل في رياض الأطفال كادرا متخصصا ولديه إلمام بأساليب التعامل مع الطفل في فتره الحضانة، كذلك أن تتوفر في الحضانة ممرضة لرعاية الأطفال في حال مرضهم، إلى جانب وجود أخصائية تغذية تشرف على تغذية الأطفال الرضع، مع أهمية الأثاث ومناسبته لعمر الطفل. تزايد مستمر وقالت الأستاذة «جواهر السديري» باحثة اجتماعية: إن أعداد النساء العاملات في تزايد مستمر من أجل الشعور بالاستقلالية وبناء كيان اجتماعي خاص بهن، مضيفةً أنه في ظل هذه الظروف يبرز الاعتماد على دور الحضانة لدواع تربوية سليمة يحتاجها كل طفل، لكي يجتمع بإقرانه من الأطفال، ما يعمل على إدماجه اجتماعياً من خلال تعويده على الاختلاط مع فئات من مختلف الأعمار يتفاعل معها مباشرةً، ويتبادل معها مفردات لغوية تساعده على التحاور بسهولة وعلى تكوين خبرات خاصة به، ذاكرةً أن هناك بعض الصعوبات التي تقف أمام ذهاب الطفل للحضانة، منها أن الحضانة مقبولة ولكن في السنة ما قبل الروضة فقط، من سن الثالثة والنصف وأكثر، أما قبل ذلك فمن الصعب الذهاب بطفل للحضانة، مشيرةً إلى أن بعض الأطفال قد يعاني مشاكل صحية يصعب بسببها ذهابه للحضانة، إلى جانب بعد المسافة بين المنزل والعمل ودور الحضانة، فيكون الخيار بقاء الطفل في المنزل. شعور الخوف وأضافت: من الأمور الجوهرية لصحة الطفل النفسية أن تعطي الأم وقتاً طويلاً لطفلها، وتمنحه الكثير من اهتمامها في السنوات الأولى من حياته، موضحةً أن خروج المرأة لساعات طويلة خارج المنزل قد يؤثر بشكل سلبي على أطفالها، للحاجات النفسية التي يشعر بها ولا يمكن أشباعه إلاّ بواسطة الأم، سواء من حنان أو عطف أو احتواء أو شعور بالأمان، مبينةً أن طبيعة الطفل الذي تغيب عنه والدته كثيراً ويهمل من قبلها يحكمه شعور الخوف والخجل والانطواء، وهذا بدوره يؤثر في علاقة الطفل بالأطفال الآخرين وبالمجتمع بشكل عام وعلى تكوينه النفسي والاجتماعي، لافتةً إلى أن هناك فجوة تكون بين الأم العاملة وأطفالها؛ بسبب خروجها للعمل فترة من الوقت، مؤكدة أن مشاركة أطفالها لمختلف نشاطاتهم وهواياتهم وتلبية رغباتهم وإعطائهم كثير من الحب والحنان والرعاية، قد تزيح تلك الفجوة. اهتمام كبير وقالت الأستاذة «وفاء العسيري» رئيسة وحدة رياض الأطفال بمكتب التربية والتعليم بالروابي: إن هناك اهتماما كبيرا من المسؤولين في الوزارة لمرحلة رياض الأطفال من عدة جوانب، منها التوسع في إنشاء رياض الأطفال، بحيث أصبح في كل حي تقريباً روضة حكومية، مشيرة إلى أن الأحياء الجديدة يوجد بها ثلاث روضات حكومية، وقد تم ألحاق مبنى الروضة في المجمعات المدرسية الحكومية مع المراحل الدراسية، ليسهل على ولي الأمر تأمين المواصلات لجميع أبنائه في مختلف المراحل، إلى جانب تحقيق الراحة النفسية والاطمئنان للمعلمات في المراحل الأخرى، لتسجيل طفلها في الروضة الملحقة بمدرستها، بحيث يمكن لها أن تصل لطفلها سريعاً في حال حدوث طارئ، مشيرةً إلى أن الوزارة تتجه حالياً للتخلص من المباني المستأجرة للروضات. ميزانية خاصة وأضافت أنه يتم اعتماد ميزانية خاصة لرياض الأطفال سنوياً من الوزارة، وذلك لتوفير البيئة التعليمية المناسبة لأطفال تلك المرحلة، وهي غنية بالوسائل التعليمية الحديثة المناسبة لمنهج التعلم الذاتي المنفذ في الروضات، والتي تحقق جميع جوانب النمو لطفل الروضة، مشيرةً إلى أنه من حيث العاملات فقد اهتمت الوزارة بتعيين كادر إداري وفني للروضات بشرط الحصول على مؤهل تربوي في تعليم ما قبل المرحلة الابتدائية، إلى جانب الحصول على دورات تدريبية تأهيلية أثناء الخدمة للمعلمات غير المتخصصات المعينات سابقاً، للوقوف على كل ماهو جديد بالمرحلة. أُسس تربوية وذكرت الأستاذة «مها المسلم» متخصصة بالطفولة أن مرحلة الطفولة هي المرحلة الأساسية الأولية في تشكيل الشخصية، وما ستكون عليه مستقبلاً بإذن الله من شخصية سليمة وصحة نفسية عالية، مضيفةً أن المربين حرصوا على إيجاد مؤسسات أخرى داعمة لدور الأسرة في تربية الطفل، فأنشئت مؤسسات تعليمية متخصصة بهذا الشأن، وهي مدارس رياض الأطفال، يتلقى فيها جميع المعارف والمفاهيم والمهارات التي تزيد من خبراته، وترتقي بنموه العلمي والعملي، مبينةً أن افتتاح تلك الروضات أصبح مطلباً مهماً للأم العاملة، التي تقضي وقتاً طويلاً بعيداً عن طفلها خارج البيت، مشيرةً إلى أنه لكي تعمل الروضات أدوارها الأساسية الهامة والمناطة بها، لابد أن تبنى على أسس تربوية سليمة من حيث التجهيزات المادية، إلى جانب توفير الكوادر البشرية المتخصصة. بيئات صفية وأضافت أن المؤسسات المعنية والمختصة بهذه المرحلة في كل دول العالم المتقدمة، أولت مرحلة رياض الأطفال الاهتمام اللائق بها من حيث توفير البيئات الصفية حسب شروط ومواصفات تربوية معينة، إضافة إلى تعيين المختصين فيها وتدريبهم بشكل مستمر لمواكبة ما هو جديد، مشددةً على أهمية تطور الاتجاهات نحو التربية الحديثة، التي لها أهمية في إلحاق الأطفال بالروضات، ذاكرةً أن الطلب تزايد سواء كانت الأمهات عاملات أو غير عاملات، لوجود الطفل في بيئة تعليمية آمنة.