انطلاقا من نهج القيادة الحكيم في البناء والتطوير والتحديث، فقد أكدت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد على ضرورة تعزيز مبدأ الشفافية داخل مؤسسات الدولة والتأكيد على مسؤولي الدولة بأن الوضوح وسيلة فاعلة للوقاية من الفساد، وأن اعتماده كممارسة وتوجه أخلاقي يضفي على العمل الحكومي المزيد من المصداقية والاحترام، كما أكدت على تسهيل الإجراءات الإدارية والتوعية بها، وإتاحتها للراغبين، وعدم اللجوء إلى السرية إلا فيما يتعلق بالمعلومات التي تمس السيادة والأمن الوطني. وفي سياق آخر أكدت خطة التنمية التاسعة في أحد أهدافها على قيام الجهات الحكومية باتخاذ الإجراءات الكفيلة لتحقيق الشفافية والنزاهة. ولكي يمكن تحقيق الإقرار بمبدأ الشفافية ومن ثم تعزيزه داخل مؤسسات الدولة واعتماده كممارسة للوقاية من الفساد، فإن الحاجة تبدو ملحة وضرورية إلى مراجعة الأنظمة واللوائح الحالية المنظمة للواجبات الوظيفية وخصوصا المتعلقة منها بقواعد الإفصاح والشفافية لموظفي الحكومة، ومن ثم تطويرها من خلال تضمينها نصوصاً نظامية تستوجب أن يفصح كل مسؤول وموظف -حال تعيينه- عن كل ما يملكه أو يساهم فيه من شركات أو مؤسسات تجارية تتعامل مع الجهة التي يعمل فيها، وذلك عندما تكون نسبة مساهمته تصل إلى (5%) أو أكثر، وألا يكون أياً منهم مديراً أو مسؤولاً أو مالكاً أو شريكاً مؤثراً يملك (5%) أو أكثر أو عضو مجلس إدارة أو مستشاراً في أي جهة مرخص لها من قبل الجهة التي يعمل بها، كما تستوجب على أي منهم الامتناع عند اتخاذ أي قرار أو التعاقد مع أية جهة يكون أحد ملاكها أو مديريها التنفيذيين أحد أصوله أو فروعه أو زوجه، أو يكون له فيها مصالح مباشرة أو غير مباشرة، وأن يقوم بإبلاغ الجهة التي يعمل بها خطياً فور ظهور أو توقع ظهور أي تعارض للمصالح. وهناك حاجة أيضا لوجود مواد نظامية في تلك الأنظمة تمنع كل مسؤول وموظف من قبول أية هدايا أو منافع أو قروض أو أي شيء آخر ذي قيمة من أية مؤسسة أو شخص وذلك بسبب عمله. وأود أن أشير في هذا الخصوص إلى مبادرة لصاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في الهيئة العامة للسياحة والاثار عندما تبنى سياسة الشفافية ومنع تعارض المصالح ورسخها كمنهج وممارسة في الهيئة لحماية النزاهة والوقاية من الفساد منذ تأسيس الهيئة عام 1421ه وصدرت العديد من القرارات والتعاميم والسياسات المتعلقة بالشفافية ومنع تعارض المصالح وتٌوجت تلك الاجراءات بوضع لائحة للافصاح ومنع تعارض المصالح لمنسوبي الهيئة أقرها مجلس ادارتها عام 1431ه فكانت الهيئة بذلك اول جهة حكومية في المملكة تضع لائحة تهدف إلى تحقيق الشفافية وحماية النزاهة والوقاية من الفساد. . ولما كانت هذه المبادرة الرائدة على مستوى العمل الحكومي تصب في تعزيز الجانب الوقائي الذي يسهم في حماية النزاهة والوقاية من الفساد، فإنني اقترح على معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الاستفادة من تجربة الهيئة العامة للسياحة والآثار في تعزيز مبدأ الشفافية وتعميمها على جميع الجهات الحكومية، وذلك من خلال مراجعة لوائح نظام الخدمة المدنية ولوائح الهيئات الحكومية والصناديق والمؤسسات العامة واقتراح تطويرها من خلال وضع لائحة خاصة أو ادخال بعض التعديلات التي تضمن وجود مستوى عالٍ من الشفافية وتمنع تعارض المصالح وتتضمن معايير إفصاح شديدة الوضوح بما يكفل ترجمة التوصيات التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد وخطة التنمية التاسعة ووضعها في دائرة الالزام والتطبيق الواجب على جميع الجهات الحكومية.