في آخر مقال تحدثت عن خلفية ظهور الإيدز قبل 30 عاما على يد الطبيب الأمريكي مايكل كوتليز.. وفي ذلك الوقت نال المرض سمعة سيئة كونه اُكتشف أولا لدى مجموعات الشواذ في لوس أنجلوس، وساد اعتقاد بأنه عقاب من الله للخاطئين من عباده.. ولكن بمرور الوقت اتضح أن الإيدز مرض يطال الجميع بما فيهم العذارى والنساء الحوامل والأطفال الرضع والأجنة التي تصاب بالعدوى من خلال الحبل السري.. وماهي إلا سنوات قليلة حتى انتشر كالنار في الهشيم في الدول الفقيرة والمجتمعات المحافظة والقرى المنعزلة بشكل أثار الحيرة والشك.. وكانت سرعة انتشاره في أفريقيا بالذات سببا في ظهور شائعات بخصوص إمكانية صنعه عمدا ونشره بتخطيط مسبق.. فهناك مثلا من يقول إنه صنيع المخابرات الأمريكية، وهناك من يدعي أنه سلاح بيولوجي خرج عن سيطرة الجيش الامريكي، وفرضية ثالثة تقول إنه وسيلة الدول الغنية للحد من تناسل الشعوب الفقيرة، كما قالت ذلك صراحة وزيرة الصحة في جنوب أفريقيا قبل عدة أعوام... وحتى اليوم ظلت هذه الفرضيات بدون دليل علمي موثق وبقيت تراوح مكانها ضمن نظرية المؤامرة . ولكن قبل عدة أعوام نشرت مجلتان طبيتان رصينتان ماقد يكون اول دليل على خروج الايدز (وامراض خطيرة اخرى) من المعامل وأنابيب المختبرات !! ففي دراسة نشرتها مجلة لانسيت (Lancet, 6 June 98) تم تقديم مايثبت جزءا من نظرية المؤامرة . فمن المعروف ان القردة الافريقية الخضراء استعملت قبل ظهور الايدز لاختبار انواع عديدة من اللقاحات . ومن المعروف ايضا ان هذه القردة كانت تصاب بالايدز وان العلماء في ذلك الوقت كانوا على قناعة باستحالة انتقال هذا المرض الى الانسان بسبب الحاجز المناعي بين الانواع. وبناء عليه يفترض ان فيروسات عديدة كامنة تسربت للبشر أثناء تلقيحهم ضد الأمراض الشائعة، وأن فيروس الإيدز الحيواني تحور بما يتناسب مع الجسم البشري فأدى لظهور المرض الحالي !! وإثبات وجود الفيروسات الكامنة في القردة الافريقية قد يفسر الظهور المفاجئ لأمراض عديدة ذات صلة بها، كالهيربس والتهاب الكبد وفيروس السيتموجالو وبعض السرطانات وامراض المناعة (حسب مجلة Nexus, June-July 2008) ! وبالاضافة الى ماذكرته المجلتان: نلاحظ ان الايدز لم يكن معروفا في افريقيا، رغم انها موطن القردة الخضراء أصل المرض .. فالايدز انتشر فجأة هناك بعد حملات التطعيم التي قامت بها منظمات الصحة العالمية، وأصبح هذه الايام السبب الاول للوفاة في القارة السوداء!! أيضا لاننسى أن الجيش الامريكي يملك مختبرات خاصة بالأسلحة الجرثومية وانه يتحمل مسؤولية ميكروبات عديدة خطيرة كميكروب الجدري (الذي اختفى من الارض عام1972) ومايزال موجودا في معامل الجيش في ميريلاند .. كما ان معامل الجيش تسعى باستمرار لخلق انواع جديدة وغير معروفة من الميكروبات لضمان عدم وجود لقاح لها .. وبناء عليه ؛ لايستبعد تسرب الايدز عمدا أو عفوا من تلك المعامل (وهي الفكرة التي تحولت إلى فيلم مشهور باسم الوباء) !!