فاصلة: «الإهانة كالعملة الزائفة، لا نستطيع منع أحد من تقديمها إلينا، ولكننا نستطيع رفضها» - حكمة عالمية - من يتابع القراءات النقدية التي يمطر الناقدون والمثقفون بها أي رواية لأديبة سعودية، يدرك إلى أي مدى يبحث الناقد السعودي عن المرأة في النص وحالما يجدها ينتقل إلى البحث عن علاقتها بالرجل وكأنه يقوم بمحاولة استقصائية للقبض عليها بجرم الحب المشهود. ثم ينتقل إلى دور القاضي ليحاكمها في محاولة متوارية منه لإنصافها من المجتمع وفي النهاية نجد أننا كقراء نقرأ أسطراً كتبها رجل عن امرأة ويتوارى حبر النقد بعيداً عن أعيننا. مشكلة المثقف لدينا انه رغم كل ما يدعيه من احترام للمرأة الروح وليس الجسد، فإنه لم يستطع أن يغيب مشهد المرأة التقليدية المحفور في وجدانه ولعلني أتلطف في اللفظ فأقول تقليدية حيث ان البعض لا يراها إلا حرمة. ولذلك فهو يفتش عن دورها الأنثوي ولا يراها أبداً من وحي إبداعها، هذا إذا سمح وخلع عليها لقب الإبداع.. المثقف غير صريح مع نفسه ولا يعترف أن لديه مشكلة في علاقته مع المرأة أول أبجدياتها انه لا يعرفها.. كما انه لا يعترف أنه يختلف عنها في احتياجاته واهتماماته فما يفكر فيه ويتوق إليه ليس بالضرورة يشكل جزءاً من طموحها.. بينما أضحت المثقفة أكثر نضجاً حيث تعترف بأن عالم الرجل مجهول ولا تراه إلا من خلاله. وربما وجدت إشكالية أخرى تتشكل خيوطها من واقع مجتمعنا المغلق ولعلها باتت أكثر وضوحاً في جيل شبابنا.. هذا التعطش من قبل الجنس إلى الجنس الآخر هو فطرة في النفس لكنها جبلت على الاختفاء وفق ضغوط المجتمعات المحافظة ولذلك كانت الفنون الأدبية مجال تفريغ عن تلك المشاعر الفطرية. إلا أننا نفاجأ بحراس الحريم حيث يستكثرون على المرأة هذا النوع من الفن الخيالي ويربطونه بالواقع فيبدأون في نشر قراءاتهم اللا نقدية الموحية للقارئ بجرأة المرأة وجرمها في الاجتراء على المجتمع . أو ليست هي ذات المرأة التي يطمح إلى وجودها المثقف بلى ولكن لأنها خرجت من سجنه فبات يفكر كيف تعود؟ لا أحب التعميم لكن سقوط بعض الأسماء التي نقرأها ونسمع لها ونشاهدها تجعلنا نلفت النظر إلى هذه الاشكالية. الأكيد انه يوجد البعض الذي أدرك معنى المرأة ككائن حر لكن هذا البعض نادر، هذه الندرة تأتي من عدم اعتراف الجانحين باتجاه المرأة ككائن تابع بأن المشكلة ليست فيها وإنما في نظرتهم إليها. من المؤلم أن تقابل رجلاً كأبطال مقالتي وحين يطرح نفسه كمثقف تبدو المرارة شبيهة بتجرع العلقم على جرعات متتالية. [email protected]