تهتم الكثير من المؤسسات الخيرية بالعلاقات العامة وإتقان التعامل مع الإعلام لرفع مستوى ثقة الناس بهذه المؤسسة، حيث اعتبرت أنّ المجتمع ككل هم عملاؤها الذين يجب عليها كسب رضائهم وتوقعاتهم سواء نجحت في انتسابهم إليها أم اكتفت بالتفاعل معها على مستوى الدعم المادي والمعنوي والانضمام لعضوية الجمعية والانخراط في برامجها وأنشطتها، فالثقة التي تتمتع بها المنظمة الخيرية ترنو إلى بذل المزيد من الجهد والمسؤولية للارتقاء بالممارسات المالية والإدارية داخل أروقة المؤسسة الخيرية بالصورة التي تحافظ على سمعة القطاع الخيري بأكمله واستمرار ثقة المجتمع به. ولعلّ تشعّب أنشطة الجمعية وزيادة حجم استثماراتها مع الحرص الشديد على بذل الأموال بأوجه شفافة وواضحة سيزيد بلا شك من ارتفاع مستوى ثقة أفراد المجتمع بها فضلاً عن حزمة المقترحات والتوقعات والأهداف التي يعول على الجمعية تحقيقها، فالشفافية والفاعلية تنتجان النزاهة وتزكية أعضاء مجلس الإدارة والعاملين بها، وبالتالي تفاعل مختلف شرائح المجتمع للارتقاء بها كمؤسسة خيرية اجتماعية لها الدور الكبير في تجسيد مفهوم التكافل الاجتماعي. «التنظيمات الخاطئة» تقود إلى الفردية في جمع التبرعات التنظيمات الخاطئة وحيث أدت بعض التنظيمات الخاطئة إلى زعزعة ثقة الناس بالجمعيات الخيرية وبالتالي تفضيل الفردية في التبرعات والابتعاد عن تقديمها للجمعيات الخيرية، وفي ذلك الشأن أوضح "د.سليمان السكران" -أستاذ العلوم المالية- أنّ المملكة تحضى بوجود عدد من المؤسسات الخيرية التي تجمع التبرعات وتوزع على المحتاجين في نظام مؤسساتي يتفق ونظرية الكفاءة في الأداء؛ إلا أننا ما زلنا ننظر إلى الفردية في القرار، خصوصاً في التبرعات والأعمال الخيرية بدلاً من تلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية؛ التي -بلا شك- هي الأقدر بشكل أكبر على معرفة حقيقة الحاجة للمحتاجين ذاتهم، مشيراً إلى أنّ لهذه الفردية وتفضيلها على المؤسساتية عدد من الأسباب حري بتلك الجمعيات أن تطلب كتبرع من مؤسسات الخبرات الاستشارية دراسة هذا الوضع والتعرف على أسبابها؛ لكي تضع الحلول المناسبة بدلاً من الاعتماد على الآراء وحصيلة الخبرة فقط، وذلك أملاً في أن تكون الجمعيات الخيرية ذات ريادة أكثر وأكبر لأننا من المؤمنين جداً بدورهم العظيم. الشريف: كل قرش يدفع للجمعيات لا يصل منه سوى 30% إلى المستفيد تساؤلات والتساؤلات التي يطرحها أفراد المجتمع حول ميزانية المؤسسة أو عن جهات الدعم أو العمل التطوعي دون إيجاد إجابة حقيقية وواضحة جديرة بأن تسبب شيئاً من الشك والريبة يجتاح القطاع الخيري بأكمله، مما يتطلب جهوداً مضنية لاستعادة الثقة من جديد كما أكّدت ذلك "منال عبدالمنعم سالم" –مساهمة في العمل الخيري التطوعي– مشيرةً إلى أنّ كثير من الجمعيات مقصرة في مسألة اندماجها مع المجتمع وعن تعريفها لطبيعة أنشطتها وخدماتها، حيث أنّ الجمعيات الأكثر شهره في المملكة يعتقد معظم الناس أنّ مساهمتهم فيها لن تؤثر وذلك لعظم حجمها وشعبيتها وامتلاكها دخلاً هائلاً، مضيفاً: وهذا زعم خاطئ يرجع سببه لعدم قرب الجمعيات بالنسبة للأفراد فمثلاً في مصر تنتشر الجمعيات في كل مكان وقرب المنازل الأمر الذي يسهل التعامل معها واندماجها مع كافة الشرائح، حيث تختلف النظرة الاعتبارية للجمعية الخيرية من مدينه لأخرى فمثلاً في الرياض تجد المجتمع الخارجي يدعم الجمعيات ويتجه لها دوماً وعلى درجة تواصل كبيرة أما في مكة ليست الحال كذلك فهم يفضلون الفردية في الصدقات وأن يعطوا بأيديهم لمن يستحق حتى ولو كان عابر السبيل، وكذلك المدينة لا تختلف كثيراً عن مكة وإن كان الحراك المجتمعي بدأ يزداد في الفترة الأخيرة نتيجة جهود المتطوعات. التواجد في مجالات الحياة العامة للمجتمع أمر مهم العمل التطوعي وأكدت على أنه بالفعل هناك نوع من التشكيك ولكن في المتطوع أكثر من المؤسسة الخيرية واعتقاد سائد بأنّ الجمعيات لها من الدعم الهائل ما يغني أن يدعمها الأفراد، وعلى الرغم من أنّ العمل التطوعي بدأ يفرض وجوده على المجتمع على نحو صادق؛ إلا أنّ مصداقيته تختلف من مجتمع لآخر، فكثيراً ما يتم التشكيك في نوايا المتطوع حين يعرض خدماته التطوعية في مكان ما دون مقابل حيث يتخوّف الأفراد من نوايا المتطوع، مضيفةً: فأعتقد أنه يجب العمل على توحيد الجهود بين المتطوعين والجمعيات لرفع مستوى الثقة المتبادلة وذلك عن طريق (الترسيم) من قبل الجمعية الذي سيفتح مجالاً أكبر لخدمه المجتمع، وحتى تتمكن الجمعية كذلك من استعادة الثقة التي لا أعتقد أنها مفقودة بقدر ما هي مجهولة أو غير معلوم كيفية التواصل معها، مشيرةً إلى إنّ المجهود الأكبر يتوقف على المتطوعين وعلى تدريبهم فحين يثق الأفراد بالمتطوع بالتالي سيثقون حتماً بالجمعية التي يتبعها هذا المتطوع، موضحةً أنّ العمل التطوعي ومصداقيته يزيد بين النساء؛ لأنّ المرأة تمتلك القدرة على التواصل مع أكبر عدد من أفراد المجتمع، إذن المسألة ليست بالضرورة مسألة تشكيك في نزاهة الجمعية الخيرية بقدر ما هو ضعف الإعلام وقصور وسائل الاتصال معها، إضافة إلى الاعتقاد بأنّ الجمعيات لا تحتاج إلى دعم الأفراد طالما تدعمها الوزارة وعدد من المؤسسات الكبيرة. ثقة الناس وعن الكيفية التي تحافظ من خلالها الجمعيات الخيرية على ثقة الناس بها، قالت "منال": "حين يؤمن الناس بأنّ القائمين على الجمعيات الخيرية من أهل الثقة وتزكية أعضائها من قبل رجال الدين وأئمة المساجد فهذا بلا شك سيزيد من مصداقيتها لدى المجتمع، فضلاً عن إعداد و نشر التقارير الدورية لكشف أنشطة الجمعية وخدماتها، كذلك على الجمعيات الخيرية الدور الأكبر في خدمة المجتمع، حيث يعتقد الكثير أنّ دور الجمعية محجم في توزيع الإعانات وكفالة الأيتام أو رعاية المسنين، وإحساسهم أنّ هذا واجب الدولة، ولكن إذا شاركت الجمعية في كافه مجالات الحياة العامة للمجتمع وكانت متنوعة فستكون مجال جذب ومحلّ ثقة كالمساهمة في تزويج الفتيات ومشروعات المرأة المعيلة وإعداد الكوادر المؤهلة ودروس التقوية"، مشيرةً إلى أنها من مجالات الجذب لأنها يمكن أن تكون للقادرين وغير القادرين بالإضافة إلى المساهمة في مساعدة من يحتاج للعمل بالتدريب وإتاحة الفرصة لعرض منتجاته والتأكيد على دور المجتمع نحو المحتاجين وأنه ليس فقط بالدعم المادي أو العيني وإنما بتعليمهم كيفية التعامل مع المجتمع وإعطاء دورات تنمية بشرية لمنحهم الثقة بالنفس التي ستعكس ثقته بالجمعية الخيرية. مصروفات الجمعيات ورأى "أحمد الشريف" -ناشط اجتماعي وتطوعي- أنّ الجمعيات لن تكسب المزيد من الثقة ما لم تبادر بتصحيح الوضع الذي تعيشه، فكيف تكسب الجمعيات ثقة المتبرعين والداعمين وهم يشاهدون الإسراف في مصروفات الجمعيات فيما لا يعود على المستفيدين بأي عائد، مشيراً إلى أنّ كل قرش يدفع لهذه الجمعيات لا يصل إلى المستفيد سوى 30% منه، وهنا نتساءل ما هي المصروفات التي تدفعها الجمعيات لجامعي التبرعات وما هي المصروفات التي تُدفع كقيمة للإيجارات -والتي قد يكون أحد أعضاء مجلس الإدارة مستفيد- وما هي الميزانية المخصصة للاحتفالات والدعايات وبرامج العلاقات العامة التي تقوم بها الجمعيات لأعضاء مجلس إدارتها باسم الجمعية، فالجمعيات برستيج لمجالس إدارتها في المجتمع. الفردية في التبرعات وأضاف: يلجأ الكثير إلى الفردية في التبرعات على الرغم من وجود مؤسسات متخصصة ومنتشرة في كل مكان، وذلك لعدم ثقتهم بمن هم قائمين عليها فأغلبهم غير مؤتمنين على المال العام فكيف بمال المتبرعين، وعندما يتم التشهير بالفاسدين من أعضاء مجالس الجمعيات وعقابهم بل وحرمانهم من تولي الوظائف الحكومية ووظائف المال العام غير المؤتمنين عليها ستتمكن المؤسسة الخيرية حينها من استعادة ثقة الجمهور بها، داعياً إلى المقارنة بين ما يصل للمستفيد وما يصل إلى الجمعيات من دعم من مختلف المصادر إنّ هذا الفساد وعدم محاسبة الفاسدين هو الذي يدفع الناس لعدم دعم الجمعيات وعدم الثقة بها.