دعا مدني مزراق الزعيم الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ سابقا كلا من الشيخين عباسي مدني وعلي بن حاج وبقية العناصر القيادية للجبهة الإسلامية الإنقاذ المحظورة، سواء كانوا في الداخل أو الخارج، إلى تجاوز الماضي والتوقف عن البكاء على الأطلال والتخلي عن التردد، والتفاعل أكثر مع مشروع الرئيس بوتفليقة حول العفو الشامل والمصالحة الوطنية، وانه يتعين عليهم بلورة تصورهم الخاص بهذا المشروع الوطني وعدم انتظار الرئيس بوتفليقة ليفصح عنه. ولم ينس مزراق أن يثمّن التقدم الكبير المسجل على مستوى خطاب الرئيس بوتفليقة بشأن العفو الشامل والمصالحة الوطنية، معتبرا أن الرئيس بوتفليقة قد خطى خطوات كبيرة في هذا المنحى، خلال الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الأسبوع السادس للقرآن الكريم بالعاصمة الأسبوع الفارط، في بلورة تصور العفو الشامل كما يراه غالبية الجزائريين. وأكد مزراق أن خطاب الرئيس بوتفليقة -وخلافاً لما سبق- قد أسهم في إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، عندما أكد أن كل الجزائريين مسؤولون على الأزمة، وأن الكل ارتكب حماقات في حق هذا البلد، وهو ما يفسر على حد تأكيد مزراق ارتقاء خطاب رئيس الجمهورية من مستوى تحويل العفو الشامل إلى إصدار لأحكام مسبقة، وهو ما يقتضي برأي الأمير الوطني للجيش الإسلامي للإنقاذ تجاوز منطق الغالب والمغلوب والاحتكام لمنطق تحمل المسؤولية من قبل الجميع. وتابع مزراق بالقول إن تساؤل الرئيس عن مصير الأطراف الأساسية في الأزمة، يؤكد أن المصالحة الوطنية هي مرحلة يتساوى فيها كل الجزائريين أمام القانون وأمام مؤسسات الجمهورية، كما انه مرحلة لا مجال فيها لجزائريين مطالبين بأداء الواجبات دون أن يسمح لهم بممارسة حقوقهم المشروعة بأوسع معانيها. وحسب مزراق، فقد تمكن بوتفليقة في خطابه من تصحيح بعض المفاهيم الانحيازية والإقصائية التي أرادت بعض الأطراف تكريسها، والتي تعطي الانطباع بأنها صاحبة السيادة الكاملة في إصدار العفو. واعتبر مزراق أن حرص الرئيس على نفي كل وصاية أو محاولة مصادرة العفو، والتأكيد في المقابل على أنه حق خالص للشعب الجزائري، من خلال الاستفتاء الذي سيعرض عليه في المستقبل، دون تهميش لضحايا المأساة الوطنية، كان بمثابة شعرة الميزان التي تحكم التوازن والتساوي بين مختلف فئات الشعب الجزائري. وتتزامن دعوة الأمير الوطني السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ الذراع المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ، مع ما أصبح يعرف في الصحافة الجزائرية ب «أرضية المصالحة والعفو الشامل» التي أطلقتها مجموعة تسمي نفسها «كتلة العقلاء» التي تضم وجوها تنتمي عضويا وسياسيا للحزب الإسلامي المحظور الجبهة الإسلامية للإنقاذ على رأسها عبد الوهاب بلقاسمي المنسق السابق للنقابة الإسلامية المحظورة. وتتضمن أرضية «عقلاء الفيس» 14 مقترحا للخروج من الأزمة الأمنية وتبعاتها السياسية والاجتماعية، التي تحتم مثلما تشير إليه الأرضية «البحث عن حل لا غالب فيه ولا مغلوب» وهذا ضمن إطار «فضيلة الصلح» التي نصت عليها الشرائع السماوية و«تأسيا بنماذج عدة دول منها جنوب إفريقيا». ومن بين أهم البنود التي تضمنتها أرضية كتلة العقلاء رفع حالة الطوارئ، وإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين ووقف المتابعات القضائية، وإلغاء جميع الأحكام الصادرة منذ اندلاع الأزمة وكذا رفع العراقيل للسماح بعودة المهجرين أو الذين اختاروا المنافي خلال سنوات الأزمة.