سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الطلب على مصادر الطاقة سيتغير لصالح النفط في الأجل المتوسط والغاز في الأجل الطويل تحركات «ساما» تجاه أزمة اليابان محدودة لارتباط سعر الصرف بالدولار.. د. المرزوقي ل «الرياض»:
أكد كبير الاقتصاديين بشركة الخبير المالية الدكتور رجا المرزوقي أن التأثيرات المباشرة من كارثة اليابان على المملكة محدودة في التجارة الخارجية، وكذلك تأثيرها على الاقتصاد العالمي وتغيير توجهات المستهلكين للطاقة؛ فانخفاض القدرة الإنتاجية للاقتصاد الياباني في الأجل القصير وانعكاسه على الواردات السعودية من اليابان محدودة جدًا ولا يكاد تأثيرها يذكر على الاقتصاد الكلي السعودي. وأوضح أن الاستثمارات التي سوف يتم إنفاقها على البنية التحتية لمعالجة آثار الكارثة ستعمل على تنشيط الاقتصاد الياباني الذي عانى كسادا خلال عقدين من الزمن مروراً بالأزمة المالية العالمية في 2008م. ليست هناك تأثيرات مالية على المملكة من كارثة اليابان والاقتصاد الياباني سينشط وأفاد المرزوقي أنه من غير المتوقع أن تقوم مؤسسة النقد بالتحرك لمحدودية الأدوات بسبب سعر الصرف الثابت، موضحا أنه سيكون هناك تباطؤ في أداء البورصة اليابانية على المدى القصير. وأضاف «ستنعكس الأزمة بتغيير في الطلب على مصادر الطاقة لصالح النفط في الأجل المتوسط والغاز في الأجل الطويل»، مبينل أنه من المحتمل أن يحدث تأثير بالتراجع في مشروعنا للطاقة النووية، فالتكاليف الاقتصادية والاجتماعية من أي أخطاء في مفاعلات الطاقة النووية لا يمكن تحمله، بل ويمتد آثاره للأجيال اللاحقة. «الرياض» كان لها هذا الحوار مع الدكتور رجا المرزوقي، وهذا نصه: * ما هي توقعاتك لوجود آليات تحركت من خلالها مؤسسة النقد العربي السعودي للتخفيف من حجم الخسائر المرتبطة ب»الين» من جهة وبالبنوك الأمريكية المستثمر الأساسي في اليابان على أساس وجود استثمارات سعودية في أمريكا قد تكون مرتبطة بالاقتصاد الياباني؟ - السياسة النقدية للمملكة مرتبطة بالدولار بسعر صرف ثابت، وبالتالي فإن أرصدة مؤسسة النقد مرتبطة بالدولار الأمريكي، وبما أن سعر الصرف مثبت بالدولار فإن الآليات التي من الممكن أن تعمل من خلالها مؤسسة النقد محدودة ومرتبطة بسياسة البنك المركزي الأمريكي، أما الاستثمارات الحكومية التي تديرها المؤسسة فإنها متركزة في سندات الخزينة الأمريكية بما لا يقل عن 70% من إجمالي الاستثمارات الحكومية حسب بعض التقديرات، وبالتالي فإنه من غير المتوقع أن تقوم المؤسسة بالتحرك؛ لمحدودية الأدوات بسبب سعر الصرف الثابت، وكذلك عدم تنوع الاستثمارات الحكومية وبعدها عن الاقتصاد الياباني مباشرة. * ما هي مصادر التأثير المباشر للأزمة على الاقتصاد السعودي؟ - ليس هناك تأثير مباشر للأزمة على الاقتصاد السعودي من خلال التجارة الخارجية مع اليابان والتي تعتبر شريكا تجاريا مهماً للمملكة، حيث تحتل اليابان الترتيب الأول في الصادرات السعودية، فقد بلغت الصادرات السعودية لليابان أكثر من 15% من إجمالي الصادرات السعودية في عام 2009، بمبلغ تجاوز 108 مليارات ريال، بينما احتلت اليابان الترتيب الرابع في الواردات السعودية بنسبة تجاوزت 7% من إجمالي الواردات السعودية بقيمة تجاوزت 27 مليار ريال، وقد حققت المملكة فائضا في ميزانها التجاري مع اليابان بلغ 81.8 مليار ريال لنفس السنة. وتغلب على الصادرات السعودية المواد الخام بينما ذات القيمة المضافة المنخفضة وهي تستخدم كمدخلات إنتاج مثل السلع البتروكيماوية الأولية أو مصدر للطاقة كما هو الحال في النفط الخام. وتشكل الصادرات النفطية السعودية لليابان ما لا يقل عن 30% من إجمالي الطلب الياباني على النفط، واليابان أكبر ثالث مستورد للنفط على مستوى العالم، أما الواردات السعودية من اليابان فهي سلع مصنعة ذات قيمة مضافة للاقتصاد الياباني، وتعتبر السيارات أهم السلع المستوردة من اليابان مشكلة نسبة لا تقل عن 33% من إجمالي الواردات من اليابان، وبتحليل مكونات التجارة الخارجية اليابانية فإنه من المتوقع في ظل كارثة اليابان أن ينخفض الطلب على النفط في الأجل القصير؛ نظرا لانخفاض الطاقة الإنتاجية للاقتصاد الياباني وتعطل بعض الموانئ والكهرباء، أما في الأجل المتوسط فمن المتوقع أن تزداد الصادرات السعودية لليابان من النفط لتعويض مصادر الطاقة النووية التي تضررت من جراء الكارثة في اليابان ولتلبية عملية البناء في الاقتصاد الياباني، وفي حالة الضغط الاجتماعي للاستبدال الكامل للطاقة النووية بمصادر الطاقة الأخرى فإن النفط والغاز يعتبر المستفيد من تحول الطلب، وقد يضغط ذلك على السعر التوازني للنفط للارتفاع بسبب زيادة الطلب في اليابان خاصة في بداية 2012م ويمتد ذلك للأجل الطويل، وبالمقابل فإن تأثر الطاقة الإنتاجية للاقتصاد الياباني قد يؤثر في الواردات من اليابان مما يفرض البحث عن بدائل مؤقتة حتى يستعيد الاقتصاد الياباني قدرته الإنتاجية في نهاية 2011م، وبما أن السلع التي يتم استيرادها من اليابان من الممكن إحلالها من مصادر أخرى فإن ذلك لن يشكل مشكلة اقتصادية للاقتصاد السعودي. * ما هي التأثيرات المالية على الاستثمارات الصناعية اليابانية السعودية المشتركة؟ - الاستثمارات المشتركة في السعودية لا يوجد تأثير مباشر عليها للأزمة، أما الاستثمارات المشتركة أو السعودية في اليابان؛ فحسب المعلومات المتوفرة انها لم تكن في منطقة الكارثة، وأهم الاستثمارات السعودية في اليابان استثمارات «أرامكو السعودية» التي لديها مشروع تخزين استراتيجي للنفط، والذي كان له دور إيجابي في الأزمة، وأيضا هناك استثمارات ل «سابك». واليابان لا تعتبر وجهة مهمة للاستثمارات السعودية، حيث ان نسبة الاستثمارات السعودية في اليابان ضئيلة مقارنة بإجمالي الاستثمارات السعودية في العالم، وخاصة في الدول الغربية الوجهة التقليدية للاستثمارات السعودية. * ماذا عن التأثيرات على البورصة وتوقعات الربع الثاني وحتى نهاية العام الجاري 2011م؟ - الأسواق المالية تتصف بالحساسية والتفاعل مع الأحداث، ونظرا لما يعانيه الاقتصاد الياباني من تباطؤ النمو في الأجل القصير فإنها سوف تؤثر على أداء الأسواق في الأجل القصير، لكن تأثير الكارثة على نمو الاقتصاد الياباني سيختلف في الأجل القصير عنه في الأجل الطويل؛ ففي الأجل القصير خاصة في الربع الثاني والثالث فإن الآثار ستكون سلبية على الاقتصاد، وسوف تنخفض القدرات الإنتاجية للاقتصاد الياباني نتيجة لتدمير جزء من البنية التحتية للاقتصاد الياباني ونقص الطاقة بسبب تأثر مصادر الطاقة النووية والآثار على النفسية وانعكاس ذلك على إنتاجية الفرد في اليابان، فعلى سبيل المثال تقدر بعض المصادر أن تبلغ الحاجة لمساكن فورية تعوض الدمار إلى 700 ألف وحدة سكنية للإيواء الفوري والعاجل، و 42 ألف مدرسة في المناطق المنكوبة، لذا فإن قدرة الاقتصاد على النمو في الأجل القصير ستنخفض بسبب انخفاض القدرة الإنتاجية للأسباب أعلاه، أما في الربع الرابع والأجل المتوسط فإنه من المتوقع أن تؤدي الحزمة المالية التي سوف يتم إنفاقها لإصلاح البنية التحتية والتي تقدر بأكثر من 8% من إجمالي الناتج المحلي، وتقدرها بعض الدراسات الأولية في اليابان بأكثر من 700 مليار دولار، والتي تمثل الدمار المباشر على البنية التحتية، بينما من المتوقع أن تمتد الآثار غير المباشرة لفترة أطول وترفع تكلفة البناء، كما أن الإنفاق على البنية التحتية وإصلاح آثار الدمار سوف يحفز النمو الاقتصادي، وتوجد علاقة إيجابية بين النمو الاقتصادي والإنفاق على البنية التحتية، حيث يمثل الإنفاق على البنية التحتية أهم محفزات النمو الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، وسوف تنعكس آثار الإنفاق على البنية التحتية في اليابان على نمو الاقتصاد العالمي؛ نظرًا لارتفاع الطلب الياباني لتلبية متطلبات الإنفاق الداخلي، ومن المتوقع أن تشكل مرحلة الإنفاق على البنية التحتية مرحلة اقتصادية جديدة للاقتصاد الياباني ومحفزا لنمو الاقتصاد العالمي. * ماذا عن التخوف في نواح بيئية بالاستيراد وارتباطه بما ذكرتم بالتبادل التجاري؟ - لقد بلغت خطورة الكارثة النووية في اليابان من تسربات المحطات النووية حادثة تشرنوبيل، وقد تنعكس بتغيير في الطلب على مصادر الطاقة لصالح النفط في الأجل المتوسط والغاز في الأجل الطويل، فبعد ارتفاع أسعار النفط العالمية في الآونة الأخيرة ازداد الاهتمام العالمي بالطاقة النووية كأحد مصادر الطاقة الرخيصة، وكان من المتوقع أن تزداد نسبة مساهمة الطاقة النووية في مصادر الطاقة، لكن كارثة (محطة فوكوشيما) تعيد الحسابات العالمية بشكل مختلف لصالح مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة، فالتكاليف الاجتماعية في حالة وجود أي أخطاء في الطاقة النووية لا يمكن تحملها أو تعويضها مما يرفع تكلفتها على المستوى الاجتماعي والاقتصاد الكلي، فالتكاليف الاقتصادية في حالة التسربات تشمل جميع فئات المجتمع والقطاعات الاقتصادية بدون استثناء، بل قد تمتد للدول المجاورة. وقد أدت كارثة محطة فوكوشيما إلى تضرر البيئة والإنتاج السمكي في اليابان، كما أن وجود الإشعاعات النووية في اليابان سيخلق حالة من الخوف لدى المستهلكين للمنتجات الغذائية والبحث عن بدائل آمنة مما يؤثر سلبا على الطلب على المنتجات الغذائية اليابانية. * هل ينعكس التأثير بالتراجع في مشروع المملكة للطاقة النووية؟ - المفترض نعم، فالتكاليف الاقتصادية والاجتماعية من أي أخطاء في مفاعلات الطاقة النووية لا يمكن تحمله، بل وتمتد آثاره للأجيال اللاحقة، لذا يجب الاستفادة من الميزة التنافسية التي يتمتع بها الاقتصاد السعودي في مصادر الطاقة المتجددة، لذا يجب الاستفادة من مصادر الطاقة المتوفرة لدينا والتي من أهمها الطاقة الشمسية واستغلالها استثماريا بمشروعات تطوير حديثة لما تمثله من أهمية ولتكون واحدة من أهم البدائل وذات جدوى اقتصادية عالية، كما أن الإنفاق على البحث والتطوير في الطاقة الشمسية سوف يساهم في أن تصبح المملكة من روادها على المستوى العالمي، وبإنشاء هيئة الطاقة البديلة في المملكة سوف يتيح المجال للبحث عن البدائل والاستفادة من الطاقة المتجددة في المملكة ويخفف الطلب على النفط في الاستهلاك المحلي، والتحول للطاقة الشمسية والإنفاق البحثي عليها ذات تكاليف عالية في الأجل القصير، لكنها ذات عوائد اقتصادية أكبر في الأجل الطويل، ومن المتوقع أن تؤثر كارثة اليابان على التوجهات المستقبلية في الطلب على مصادر الطاقة لصالح مصادر الطاقة التقليدية النفط والغاز الطبيعي والمتجددة.