كغيري ممن حاولوا منح "نادي القرن والعقد الآسيوي" حقه من الثناء على ما يقدمه من مستويات مبهجة لكل الرياضيين السعودين المنصفين، لن آتي بجديد إن قلت إن الهلال حالة خاصة وفريدة في تاريخ الرياضة السعودية بمختلف الحقب الزمنية والشخصيات التي تقف خلف مقود قيادة النادي الكبير. كسب الهلال بطولة كأس ولي العهد للمرة الرابعة على التوالي، وهو الذي اقترب من خط نهاية سباق الدوري بفارق كبير عن منافسه المباشر والأقوى الاتحاد الذي عجز على الأقل عن رفع درجة الإثارة في الدوري، وبالتالي لن يجد المتابعون سوى مراقبة صراع المؤخرة. يتحدث الكثيرون عن ضعف الدوري والمسابقات السعودية، وأن ضعف الدوري منح الهلال حق التفرد بالذهب، متناسين أن الهلال تفرد بالذهب لأنه تأسس من أجل الذهب ومتجاهلين أن الهلال يخرج من أحلك الظروف بأهم البطولات تاركاً للآخرين كؤوس الغوغائية والتهريج ونسج قصص الظلم الذي لم يره سواهم، ولم يرَ أولئك الذين يقللون من المبدعين بقية الفرق التي أساءت للكرة السعودية وجعلت مسابقاتنا ضعيفة إن سلمنا جدلاً في صحة رؤيتهم، التي باتت كذبة يتداولونها حتى صدقوها. في مختلف البطولات على مستوى العالم نجد أن الفرق ذات الإمكانات المحدودة والضعيفة تحدث فارقاً في تحديد بطل الدوري، أو على الأقل إقصاء أقوى نظرائها من بطولات خروج المغلوب ذات النفس القصير، في حين وهذا حدث في أقوى بطولات الدوري في أوروبا، وفي الكؤوس أيضاً، لكن هذا لم يحدث عندنا منذ زمن، ولولا أن الوحدة وجد طريقاً ممهداً نحو نهائي كأس ولي العهد لما تجاوز دور الثمانية أو على الأقل المرحلة ماقبل النهائية، ورغم كل هذا فلا أعتقد أن مصير أي فريق كان سيقابل الهلال سيجد أفضل مما ناله الفريق (الأحمر) الطامح غير أنه ربما يقبل رقماً تهديفياً أقل في النهائي الكبير. لماذا الهلال وحده يتفرد بالذهب في بطولة الدوري أو الكأس أو أي بطولة؟ ولماذا يستمر تفوقه بوجود الحكم الأجنبي أو المحلي؟ ولماذا ينتزع الألقاب من مختلف ملاعب الوطن؟ ولماذا يعود لاعبوه من حالات التراجع الفني أكثر نضجاً وإبداعاً؟. أعلم جيداً أن الهلال يستحق ذلك بفعل العمل الإداري الذي لن أجد وصفاً أفضل من كونه عملاً إدارياً وفنياً محترفاً ومنظماً، في الهلال الكل يعرف مهمته، والكل يعمل من أجل الذهب، فاللاعبون تشربوا ثقافة البطولات من الإداريين، والقائمون على الشأن الهلالي يستمدون جموحهم من طموح مشروع يملكونه كغيرهم، لكنهم يجدون دعماً كبيراً من شرفيين يتعاملون مع ناديهم وفقاً لما ورثوه من سابقيهم الذين بنوا هذه الواجهة المشرفة لرياضة الوطن. لماذا لا نتساءل، هل في الهلال خلافات شرفية مثل تلك التي تحدث في الاتحاد والنصر والأهلي؟، وهل تجد إدارات الأندية الثلاثة الأخيرة دعماً معنوياً قبل أن يكون ماديا من شرفييها؟ بل هل سبق وأن قرأنا في صحيفة أو شاهدنا في قناة فضائية شرفياً هلاليًا أو رئيساً سابقاً ينتقد أو يقزّم العمل الذي تقدمه الإدارة، أو حتى تقليلاً من إداري أو مسؤول احتراف أو استثمار، إذ أن كل ظهور إعلامي لأي من رجالات هذا النادي لاتتجاوز حدود رفع روح التحدي والإصرار في الهلاليين؟. هذه السطور موجهة لأندية ظلت في تراجع مطرد، فعدا عن ابتعادها عن منصات التتويج وظهورها فيها على استحياء، نجد أنها تغرق بالمشاكل على مستوى العلاقات بين مسيري النادي المباشرين من جهة والشرفيين من جهة أخرى، يقابله سوء في التخطيط الإداري والتدبير والتعامل الفني والنفسي مع الاستحقاقات. فقط قارنوا بين لاعبي الهلال الأجانب ومحترفي نظرائهم المرشحين لمنافسة الهلال، قارنوا بين تعامل إدارة الهلال مع مدربي الفريق خلال السنوات الخمس الأخيرة وبين مدربي الفرق إياها، من حيث الصلاحيات ومنحهم الثقة، وتعامل اللاعبين معهم، وتقبلهم لقرارات المدربين وخططهم الفنية وأساليبهم الانضباطية.. المؤكد أن هذا المقارنة ظالمة من جميع النواحي. ماذا لو أشرف البلجيكي الشهير إريك جيريتس على الاتحاد أوالأهلي أو على النصر؟ هل سيحقق النجاحات ذاتها التي حققها مع الهلال؟ وماذا لو أحضرت هذه الأندية لاعبين بقيمة الروماني ميريل رادوري والسويدي كريستيان فيلهامسون الفنية والمادية؟ هل سينجحون؟ بالتأكيد لن يحدث ذلك. هنا فقط يمكن الرد على من يتراقصون على نغمة ضعف الدوري، وأعني الصوت النشاز الذي ظهر كحبل يتشبث به الغارقون في وحول الفشل أمام جماهيرهم، وهو الذي لن ينقذهم أمام من يضع الأمور في ميزان واحد، وأقول حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاولون بطريقة مفضوحة إلقاء التهمة على غيركم فالهلال يحظى بقدر ماتحظون به، لكن بيئة "الأزرق" مختلفة، لذا فإن على تلك الأندية وقيادييها البدء بأنفسهم وإصلاح بيئتهم من الناحية الفنية والإدارية والإعلامية والشرفية وحتى الجماهيرية قبل أن يتحدثون عن الآخرين ويتناولون نجاحاتهم بمكابرة عن إخفاقاتهم المستمرة، فزرع الأفكار التآمرية والتشكيك والطعن ما هو إلا عمل بائس لايتبناه سوى عاجز عن النجاح ولم يعطِ ثماره في السابق فكيف به الآن.