تعتز بلادنا الغالية بأن كيانها قائم على اساس العقيدة الاسلامية السمحة والثقافة العربية، والعادات والتقاليد الأصيلة المتنوعة، ويعد التراث والثقافة والفنون الإبداعية مقومات أساسية للنسيج الاجتماعي لشعب المملكة، والتي تجلت مع مسيرة التوحيد والبناء التي قادها الملك عبدالعزيز يرحمه الله ورجاله المخلصون لتأسيس المملكة العربية السعودية. والمجتمع السعودي يعيش اليوم تغيرات عصره إلاّ أنه لم يفرط في هويته وتراثه بل استطاع ان يجمع بين النافع المفيد من تقاليده وعاداته، والنافع المفيد من واقع حاضره. لقد أدركت قيادتنا الحكيمة أمام هذا التقدم العلمي والتقني وأمام أمواج الاتصالات وزخم المعلوماتية ، ضرورة الاهتمام والعناية بإنماء ثقافتنا وإحياء تراثنا وإنهاض فنوننا الإبداعية. فجاء التوجيه الكريم مبكراً في عام 1405ه/1985 بإقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة، والذي سبقه لعشر سنوات من الدراسة والنظر والتحليل للمعلم التراثي سباق الهجن على ارض الجنادرية،حيث يرجع الفضل لأهله لرجل الثقافة والتراث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي أسس ورعى وسدد مسيرة هذا المهرجان الوطني الهام في بلادنا العزيزة فها هو يحفظه الله يتفضل بالتوجيه" ان الثروة الحقيقية في بلادنا تكمن في تراثها الأصيل وفي تشبع انساننا بهذا التراث والحفاظ عليه" ولقد استشعر القائمون على هذا المهرجان الوطني المسئوليات العزيزة والواجبات الكبيرة الملقاة على عاتفهم تجاه : الثقافة والتراث والفنون الابداعية. والتي يتابع مسيرتها ويرعاها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحرس الوطني، كما ان لمتابعة معالي الأستاذ عبدالمحسن بن عبدالعزيز التويجري نائب رئيس الحرس الوطني المساعد نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني الاثر الواضح على هذه النشاطات والفعاليات. ولهذا قام المسئولون في المهرجان الوطني على التواصل مع امارات مناطقنا العزيزة،ومع أبناء الوطن بصورة عامة ليعضدوهم ويساندوهم في استشعار هذا الواجب الملقى على عاتقهم، وقد لبت امارات مناطقنا وابناء الوطن عامة بما لديهم من قدرات وخبرات وإمكانات مادية وحرفية وتراثية وثقافية ليقدموها الى الاجيال الحاضرة على قرية التراث العربي السعودي الجنادرية وليؤكدوا على انها نسيج بين عبق تاريخنا وتراثنا المجيد، ونتاج حاضرنا الزاهر وأحياء للموروث الحضاري العربي السعودي: فكريا وثقافيا ومعمارياً،والحفاظ عليه والتعبير عن الجوانب الثقافية والتراثية في النهضة السعودية الحديثة ولعل من المفيد حتى تنجلي الصورة الواقعية عن هذا المعلم الحضاري في بلادنا، دعنا نذهب في إيجاز الى أهم محاور ونشاطات المهرجان الوطني وفعالياته التي طرقها في مسيرته المباركة بإذن الله تعالى: أولاً: محور النشاطات الثقافية: الثقافة والعلم هما الطريق المؤدي الى التقدم والحضارة والعمران ولهذا أخذ المهرجان الوطني يقيم الندوات والمحاضرات حول هذا النشاط الثقافي كما يأتي: أقام لعدة دورات ندوات تحت عنوان " الموروث الشعبي وعلاقته بالابداع الفني والفكري" تطرق فيه إلى : الشعر والحكاية والمسرح والموسيقى، وأغاني الطفل وأهازيج سريره ، وحداء رعاة الإبل وغناء أصحاب المواشي والحقول ثم انتقل الى ربط الأصالة بالمعاصرة فأقام ندوات عن " علاقة الاسلام بالغرب، وعلاقة الاسلام بالشرق" ثم ندوات" " الحوار الإسلامي الإسلامي والحوار العربي العربي، ثم ندوات حركات الاصلاح ، والنفط ،والمعرفة والتنمية،وقضايانا المهمة كفلسطين والقدس وغيرها العديد من المواضيع المتعلقة بالثقافة التراثية والامسيات الشعرية والأدبية رافعاً منذ ايامه الأولى شعار: " الحوار والتعاون بين الثقافات ، لا الصراع والاقتتال" حيث أكّد في دورته الخامسة والعشرين على رفع شعاره : عالم واحد وثقافات متعاونة متعددة" وقد دعا إليها مئات المشاركين من كافة قارات العالم كما دعا إليها الآلاف من المدعوين لحضور هذه النشاطات والفعاليات من كافة أقطار العالم. إقامة مسابقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية للطلاب والطالبات" وهي في هذه الدورة تدخل دورتها الثامنة عشرة ضمن فعاليات المهرجان الوطني. أردف المكتبة العربية ب (300) ثلاثمائة عنوان ثقافي وتراثي وفني جاء التوجيه الكريم بتكريم شخصية ثقافية سعودية في كل دورة للمهرجان وفي هذه الدورة السادسة والعشرين تم تكريم معالي الدكتور عبدالوهاب ابو سليمان. والى تاريخه تم تكريم (16) ست عشرة شخصية ثقافية . اقام 185 ندوة ، 65 محاضرة 52 أمسية أدبية وشعرية. يناظر هذا ويماثله ذلك النشاط الثقافي النسائي والذي تقوم به الاخوات في هذا النشاط" تصوراً واعداداً ومشاركة وتنفيذاً وقد اثبتت دورات المهرجان الوطني مدى القدرة والتعاون والابداع الذي تستطيع ان تقوم به المرأة السعودية بجانب شقيقها الرجل في النشاط الآخر والذي يكمل بعضه بعضاً. لقد سلك المهرجان الوطني منذ دورته الخامسة والعشرين على جعل النشاط يدور في كل من : جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المنطقة الشرقية،وجامعة الملك عبدالعزيز،وجامعة أم القرى بالمنطقة الغربية وجامعة الملك سعود، وجامعة الأمام محمد بن سعود الاسلامية بمنطقة الرياض، والاندية الأدبية في كل من: الرياضوجدة والدمام،وواصل هذه الطريقة في دورته الحالية السادسة والعشرين. قرية التراث العربي السعودية الجنادرية تلامس يد التطوير والتنمية،معالم قرية التراث بحيث تتلاءم وهذا الزخم الذي تعيشُه في كل دورة سواء من المشاركين او الزائرين، ومن جديد هذه القرية: 1 معرض الملك خالد 2 مبنى إمارة مكةالمكرمة. 3 مبنى إمارة المنطقة الشرقية. 4 جناح دارة الملك عبدالعزيز. 5 جناح اليابان الدولة الضيف في هذه الدورة. 6 المؤسسة العامة للتقاعد. وتتم على أرضها النشاطات والفعاليات الأتية: المحور الثاني: النشاط التراثي: تلك العادات والتقاليد الكريمة وتلك المعاني الطيبة في الصبر والاحتمال ، والقدوة، والعمل البناء والتعاون والمحبة حرص المهرجان ان تكون هذه في صلب أهدافه وغاياته النبيلة التي يسعى الى تحقيقها في مجتمعنا، ويوضح لأجيالنا الحاضرة لترى بأم أعينها ما كانت عليه الأجيال السابقة في معاني الجد والمثابرة والعمل والنشاط والألفه والمحبة وقد تجلى هذه النشاط بايجاز في مظهرين هما: اولاً: حفل الافتتاح العام: والذي يشُرف برعاية وتشريف خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله وضيوفهم الكرام. الشوط الأول الرئيس في سباق الهجن والذي يرعاه ويشرفه خادم الحرمين الشريفين ويتفضل بتسليم الكؤوس والجوائز للفائزين. الحفل الفني: وفيه المسرحية الشعرية الأوبريت وقد جاء عنوانه هذا العام تحت اسم " فرحة وطن" ويحكي هذا العمل عن فرحة أبناء الوطن بعودة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله الى أرض الوطن وشعبه سالماً معافى،ويصور الولاء والتلاحم بين القيادة والشعب. ثانياً: النشاطات والفعاليات في قرية التراث العربي السعودي الجنادرية. التنسيق والتعاون مع إمارات مناطقنا العزيزة للمشاركة والاسهام بما لديهم : من حرف ،وأدوات تراثية ، ومأكولات ومشروبات وملابس وأزياء وأدوات زينة وما شابه. تجلت هذه المشاركات بما يأتي: الحرف اليدوية من حدادة ونجارة، وأدوات الاسلحة والصيد البري والبحري والمآكولات الشعبية وما شابه وقد بلغ عددها في هذه الدورة (300) حرفة متنوعة وقد كان للمهرجان الوطني دور فاعل في تشجيع الحرف وأصحابها، وذلك بأن قام بشراء العديد من هذه الحرف لوضعها في متحف المهرجان الوطني مما يشجع الحرفيين على الاهتمام بهذه الحرف ويزيد من دخلهم المادي، كما عمل على عقد دورات لبعض الحرفيين بالتعاون مع المعهد الفني والتدريب المهني لزيادة معلوماتهم وخبراتهم. ويلفت الانتباه توقف الزائرين وخاصه الأجانب منهم عند هذه الحرف واهتمامهم بها والاقبال على شراء الكثير منها. المعارض التراثية حيث تقيم كل إمارة في مبناها في قرية التراث العربي السعودي معرضاً لمنتجات المنطقة التراثية والثقافية. معارض دول مجلس التعاون الخليجي حيث لبى الأخوة في دول مجلس التعاون الخليجي دعوات المهرجان للمشاركة بما عندهم من حرف وأدوات تراثية ، والذي يجلب الانتباه ويشرح الصدر أنك عندما تزور هذه المعارض تجد فيها التشابه والتماثل في الأشكال والأسماء كأنها وحدة واحدة في دول مجلس التعاون الخليجي. معارض الجهات الرسمية المتنقلة الخيام حيث يعرض فيها كل سنة ما عند هذه الجهات وما يستجد في كل دورة. المزرعة التقليدية، وهي تأخذ الجيل الحاضر الى التصور الحقيقي على العزيمة والمثابرة والصبر والاحتمال في سبيل تسخير هذه البيئة لمعاشهم وحياتهم وتتمثل في : السواني، المورد ، الحراثة ، ختام الارض الارتواز اليدوي الحصاد الشرح الدياسة. معرض الدولة الضيف : سلك المهرجان الوطني على استضافة دولة شقيقة او صديقة للاسهام في نشاطاته وفعالياته، حيث استضاف في الدورة الثالثة والعشرين جمهورية تركيا الشقيقة وفي الدورة الرابعة والعشرين استضاف جمهورية روسيا الاتحادية،وفي الدورة الخامسة والعشرين استضاف جمهورية فرنسا وفي هذه الدورة يستضيف امبراطورية اليابان، وما من شك ان لكل دولة من هذه الدول: حرفها وتراثها وثقافتها ، التي يمكن الاستفادة منها نتيجه هذا العرض والمشاركة. السوق الشعبي والساحات: تدور النشاطات التراثية ، والثقافية التراثية وغيرها من النشاطات: كالدكاكين، والكتاتيب وبيوت الشعر ، ووسائل النقل التقليدية وحياة أهل البادية والفنون الشعبية والعقيلات،وحياة أهل البحر وحياة أهل المدن ،وحياة الفلاحين، والفنون التقليدية والمعارض المتنوعة لدول مجلس التعاون والوزارات والمؤسسات. تم إقامة (25) معرضاً للكتاب بمشاركة دور النشر والمكتبات العامة والمشاركة في المعارض الدولية: اكسبو الشارقة معرض القاهرة للكتاب المشاركة في معرض لندن. القاعة العشرينية ومعروضاتها ، قاعة البحوث التراثية والتوثيقيه والافلام، ومركز الوثائق والصور. العرضة السعودية: تقليد أصيل سارت عليه المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز يرحمه الله،وتقام تحت رعاية وتشريف خادم الحرمين الشريفين في مساء يوم الثلاثاء 15/5/1432ه في قاعات الدرعية الرياضية . الزيارات : جاء التوجيه الكريم لتكون الزيارة مفتوحة للعوائل وقد لقي هذا استحسانا وقبولا لدى المواطنين والمقيمين بحيث أصبحت على النحو الآتي: (4) أيام للرجال (3) ايام للطلاب. (14) يوماً للعوائل. المحور الثالث: الفنون الابداعية: تزخر بلادنا العزيزة بالعديد المتنوع من التضاريس التي ترهف الحس ، وتزكي الروح والنفس فتدفع الى التخيل والابداع من قبل فناني وفنانات بلادنا وقد تجلى ذلك واضحاً فيما يأتي: أ النشاط المسرحي : لقد تداعى الاخوة المسرحيون الى المشاركة والاسهام في "أبو الفنون" وقد عملوا على إقامة (222) مسرحية شارك بعضها في عروض مسرحية: محلية وخليجيه وعربية وحصدت العديد من الجوائز. ب الفنون التشكيلية: أسهم الاخوة من الفنانين والفنانات التشكيليين برفد المهرجان الوطني بإبداعاتهم: من رسوم وصور وإبداعات فنيه متنوعة وقد عملوا على تجميع ذلك في (17) سبعة عشر معرضاً فنياً ، بجانب الكتب عن الفنون التشكيلية وفي هذه الدورة عملوا على إخراج "مجلد الفنون التشكيلية". ومن جديد هذه الفنون التشكيلية ما يأتي: التشكيلية بقرية التراث. إحداث موقع جديد وثابت لمعرض الفنون التشكيلية بقرية التراث. إيجاد جناح للرسم على اختلاف مدارسه. إيجاد جناح للخط العربي وفنونه. إيجاد جناح للتصوير الضوئي الاحترافي. إيجاد جناح ذوي التوحد والاحتياجات الخاصة. هذه صورة موجزة عن النشاطات والفعاليات للمهرجان الوطني للتراث والثقافة والتي نرجو ان تكون نافعة وممتعة. والله الموفق،،، * مدير مهرجان الجنادرية