كيف تولد القصيدة باللغة الإنجليزية حين يكتبها شاعر عربي؟ هل تتشابه في الموقف والانفعال مع القصيدة العربية؟ وهل يبدع أحدهم بلغة غير لغته؟ - للإجابة عن هذا السؤال يقول الأستاذ الدكتور عزت خطاب أستاذ الأدب الانجليزي بجامعة الملك سعود سابقا، وصاحب قصائد شعرية باللغة الانجليزية: تولد القصيدة الإنجليزية التي يكتبها شاعر عربي كما تولد القصيدة العربية التي يكتبها الشاعر العربي، أو الإنجليزية كما يكتبها الشاعر الإنجليزي، فالشعر هو الشعر، والانفعال هو الانفعال، والشاعر هو الشاعر في أي زمان ومكان، كل ما في الامر هو اختلاف الأداة. فإن ما يحيط بالشاعر من داخل نفسه ومن خارجها لا شك له تأثيره في إبداعه، فهو لا يعيش في فراغ، وكلنا يعرف قصة الشاعر العربي القديم (علي بن الجهم) قبل ان يعيش في حاضرة العراق وبعدها. اللغة هي الأداة وهي مربط الفرس فمهما حاول الشاعر أن ينفك من أسارها فإنه لا يفلح، فهو إما أن يعبر عن قضية خاصة به أو عن قضية تخص الإنسان أي إنسان، وفي كلتا الحالتين يستخدم لغة لها أبعادها التاريخية والثقافية التي تأخذ بتلابيب إبداعه وتسيره في شعابها، فهي بايحاءاتها وظلالها (لاسيما إذا استخدم الشاعر أساطير الثقافة التي تولد اللغة) تفرض نفسها على تعابيره. وهذه هي معضلة الشاعر الذي يكتب بغير لغته ويرغب في الحديث عن حالة خاصة به أو بمجتمعه ويستخدم لغة تختلف ثقافتها اختلافا جذريا عن ثقافة لغته، وهي المعضلة نفسها التي يواجهها مترجم الشعر، وبالذات إذا حاول ترجمته شعريا. أما لماذا يبدع العربي، مثلا، شعرا باللغة الإنجليزية فأعتقد أن التخصص هنا له دور رئيسي: فهذا العربي قد صحب اللغة الإنجليزية وادبها فترة طويلة من حياته وتشبع خياله بكنوزها وإبداعاتها، ولاشك أن هذه أصبحت جزءا من كيانه المعرفي، فمن المعقول أن يحاول الإبداع بهذه الأداة ومخزونها الثقافي، وقد ينجح في استخدامها استخداما فيه جدة وأصاله، إنما من النادر، لكنه غير مستحيل، أن يحس هذا العربي الذي يكتب نصا شعريا باللغة الإنجليزية أنه جزء من الحركة الشعرية الإنجليزية، وله حضوره في ساحتها. فحسب علمي هناك محاولات من متخصصين عرب لكتابة نصوص شعرية باللغة الإنجليزية، لكنها بعيدة جدا أن تحسب على حركة الشعر الإنجليزي الحديث، فضلاً عن القديم.