كنتُ آمل في أعقاب سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وحوادث نهب العراقيين للمقرات الحكومية، بما فيها من مستندات، أن تكشف ملفات الفساد التي قام بها النظام، خاصة تلك المتعلقة بالرشاوى التي اعتاد على تقديمها لشراء الولاءات وبالذات خارج العراق. إذ كثيرا ما تفنتن جموع من الإعلاميين والفنانين والسياسيين في إغاظة العراقيين وباقي العرب في كيل المديح للنظام السابق الذي اهدر اموال العراقيين فيما لا طائل من ورائه. ما كشف عنه فيما بعد، ويالخيبة الامل، لم يكن اكثر من تحقيق في صحيفة عراقية مغمورة قدمت بيانات باسماء زعمت انها تلقت اموالا من الحكومة العراقية آنذاك دون تقديم أي وثائق تدعم تلك المزاعم. النسيان طوى، بعد ذلك، تلك القصة برمتها. اليوم، يتجدد الامل في الحصول على وجبة دسمة من الفضائح المتعلقة بشراء نظام العقيد القذافي لذمم بعض الانتهازيين من السياسيين وغيرهم ممن قدم لهم العقيد اموالا للافساد في مجتمعاتهم. القذافي ليس، بالطبع، صدام حسين. إذ كان صدام ينفق الاموال في تقديم رشاوى عبر برنامج النفط مقابل الغذاء للسياسيين لدعم موقف نظامه ولإعلاميين وفنانين كي يصبحوا أبواقا تسبح بحمد النظام. القذافي لم يكن يحفل بالدعاية، لذا لم نسمع كثيرا من الاصوات غير الليبية تمجده وتثني على عبقريته التي انتجت كتابا أخضر يقدم طريقة مثلى، وغير مسبوقة، لحكم الجماهير لنفسها بنفسها. رشاوى القذافي المشهورة كانت لحياكة مؤامرات ولزعزعة استقرار او تصفية من يتوهم بأنهم اعداء له. المحاولة الآثمة لاستهداف الملك عبدالله والتي اعترف بها بعض المتورطين فيها .. تحريض ودعم شيوخ قبائل في اليمن .. اختفاء الصدر .. اختطاف وتصفية الكثيرين كالكيخيا وغيره. عشرات من الملفات الحافلة بقضايا التخريب ودعم الجماعات المسلحة التي ما تزال مفتوحة ضد نظام العقيد ستجد طريقها للاثبات، او هذا على الاقل ما آمله. ما يضعف الامل المنشود هو ان نظام العقيد كان لديه الوقت الكافي لإخفاء آثار الفضائح عبر التخلص من الوثائق التي تدينه. غير ان شخصية العقيد، التي نعرف، لا يستبعد منها ان تترك الوثائق كي تفضح الاخرين. ألم يفضح العقيد من أعانوه في بناء برنامج الجماهيرية العظمى النووي؟ دعونا نأمل ان يستسلم العقيد لاحدى نوبات الجنون ويقوم، بنفسه، بكشف تلك الفضائح وبالوثائق. دعونا نأمل أن يحقق الله على يديه عملا خيرا يكشف لنا عن الحقيقة. لا تخيب الأمل يا ملك ملوك أفريقيا.