يعتقد البعض أنه عندما يُعلن عن انخفاض معدل التضخم مقارنة بالعام السابق أن هناك انخفاضاً قد حدث بأسعار السلع وإيجار المساكن، بينما الحقيقة هي أن الأسعار مازالت ترتفع ولكنها ارتفعت الشهر الماضي بوتيرة اقل من السابق، بل إن معدل التضخم وفقا لمعادلته لايتاثر بأي ارتفاع حدث قبل سنة وهو ماتسبب في حدوث لبس في فهم اثر التضخم والتقليل من خطورته. وتأكيد معالي محافظ مؤسسة النقد الأسبوع الماضي بان "الضغوط التضخمية لم تأت من السياسة النقدية ونمو المعروض النقدي وإنما من ارتفاع أسعار الأغذية المستوردة وإيجارات المساكن وانه يأمل في تحسن قدرة المجتمع المحلي على الشراء" يجبرنا على المطالبة باتخاذ وسائل عاجلة وفاعلة لمواجهة آثار التضخم ولو بتقديم الدعم المالي لكون العرض النقدي ليست له علاقة بالتضخم الحالي، فأمل معاليه سيتحقق بانخفاض الأسعار او ارتفاع القيمة الشرائية للعملة او دعم الدولة للمواطنين.. ووفقا لإيضاح المستشار الاقتصادي الأستاذ فادي العجاجي فان معدل التضخم ارتفع بنسبة (26.4%) خلال الفترة من منتصف عام 2007م وحتى نهاية عام 2010م بسبب ارتفاع الأسعار وبنسبة (53%) لمجموعة السكن و(31%) لمجموعة الأطعمة والسلع والخدمات! وهو مايتطلب التمييز بين علاج التضخم ومعالجة آثار التضخم التي تتطلب السرعة والفاعلية لتجاوز سلبياته. فالإحصائية الإجمالية للتضخم تعكس بوضوح الارتفاع الكبير والمتواصل للأسعار وبنسب لاتعادل الدخول الشهرية للطبقتين الوسطى والفقيرة ونمو أسرها وبطالة أفرادها وهو ماتسبب في تآكل الطبقة الوسطى ومحاولة تعلق أفرادها بها بالاقتراض خوفا من الانزلاق للطبقة الفقيرة، وبشفافية أكثر فإن جميع مايطرح عن مشكلة التضخم وانخفاض القوة الشرائية للعملة والأثر السلبي الكبير على واقع معيشة المجتمع يتم من قبل إما ممن يحصل على مكافآت كبيرة بحكم عمله لا يحصل عليها غيره او مسؤولون وخبراء بنوك وشركات لايعانون حقا من الأثر السلبي للتضخم ويتمسكون بآراء اقتصادية وحلول إستراتيجية طويلة المدى لانعلم هل تنجح أم تفشل كغيرها، بل أنهم يرفضون الحلول الأسعافيه لرفع الضرر كبدلات السكن والبطالة والغلاء خوفا من زيادة النقد وارتفاع الأسعار وهم ممن يتنقل بين أكثر من عمل للحصول على راتب وبدلات أعلى! ولذلك رأينا سنوات التضخم تمر دون أن تُتخذ أي خطوات عملية لمساعدة المواطنين (عدا بدل غلاء المعيشة بنسبة 15%) ولأنه لايمكن لنا أن نطلب من المريض ألا يمرض إلا بعد توفر المستشفيات فان هناك حاجة لسرعة معالجة آثار التضخم بإيجارات السكن التي تمثل التزاما على معظم الأسر من خلال دعم الدولة ومنح المواطنين بدل سكن أسوة بالمتعاقدين معها، وذلك إلى أن تُحل مشكلة السكن وفق الاستراتيجيات والخطط وبعد العثور على أراض غير مملوكة ومناسبة للسكن والتي لانعلم متى تنفذ؟ ويجب إقرار بدل السكن ليشمل جميع الأسر قدر الإمكان وبحيث يكون مثلا راتب شهرين للوظائف العليا وثلاثة رواتب لباقي الوظائف وبحد أدنى يتفق مع أسعار الإيجار، وذلك لموظفي ومتقاعدي الدولة (بما فيهم موظفو البند والراتب المقطوع) ومستحقي الضمان الاجتماعي ومتقاعدي القطاع الخاص بالتأمينات الاجتماعية ويمكن مشاركة صندوق الموارد البشرية لصرف بدل السكن لمن لايُصرف له البدل بالقطاع الخاص لكونه مواطناً ذا راتب قليل ويستحق معالجة وضعه، وعموما فهو "بدل" يمكن إيقافه إذا ما انخفضت إيرادات الدولة والإيجارات الى مستويات معقولة! فالوضع المالي للدولة يدعم ذلك خاصة أن هناك جهات حكومية توفر السكن او تصرف بدل سكن، وقد تتحمل الدولة تكلفة لن تتجاوز (50) مليار ريال وهو مبلغ لايمثل مشكلة مادام فائض إيرادات الدولة عالياً وموجهاً مباشرة لإفادة المواطن من الطفرة ولرفع قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه السكن وأسرته وأبنائه العاطلين، كما أن ذلك سيساعد على إيجاد آلية تلزم المستأجرين بسداد إيجارات مساكنهم تشجيعا لزيادة الاستثمار في المباني السكنية المعدة للإيجار التي شهدت عزوفاً في بنائها وهدم القائم منها لبناء صالات ومكاتب تجارية لعدم وجود نظام واضح يلزم بالسداد، فالجميع يرى بان الملاك يفضلون تأجير المقيم ويرفضون تأجير المواطن خاصة إذا كان راتبه منخفضاً لان هناك قناعة بعجزه وراتبه لايكفي لنفقات أسرته!