مئات من المتسوقين يتجمعون حول "دلاّل" يفتتح مزاداً على كمية من التمور المعروضة للبيع فور سماعهم للنداء المألوف "كم نقول؟" وذلك أملاً لدى كل واحد منهم في أن يحظى برسو المزاد عليه والظفر بكمية التمور المعروضة بسعر سوق عادل يكسبه في النهاية الذي يصل أعلى سعر يرضى بالبيع عنده الطرفان صاحب التمور والمشتري نفسه، وسط مباركة من بعض المتسوقين الذين دخلوا المزاد نفسه وراقبوا كل ما حدث ولكن لم يكن لهم بالطيب من التمور نصيب، هذا المشهد يتكرر في فترتي عمل سوق مدينة التمور المقام راهنا ضمن مهرجان التمور في مدينة بريدة، وقد يبدو الأمر طبيعياً ومعتاداً يحدث في كل سوق فيه مزايدات، إلا أن التنافس الشديد في دخول عمليات المزايدة على التمور والتزاحم حولها هناك يجعل من يرسو عليه المزاد يخرج رابحاً ومنتصراً من بين المتسوقين الذين تجمهروا حول المكان الذي يكون عادة على متن إحدى السيارات أو على الأرض داخل مظلة البيع، إذ يخرج كاسب المزاد والفرحة والبهجة تغمره في كسب المزايدة والظفر به وكأنه خرج لتوه من معركة انتصر بها أو مباراة فاز فيها بعد أن أخذت منه جهدا بدنيا ومشقة كبيرة حق له أن يجني معها ثمن الانتصار والفوز بالغنيمة بكميات التمور التي انتهت مزايدتها إليه، وعلى العكس مما سبق تماماً تبدو على وجوه آخرين ممن خسروا المزايدة مشاعر الانهزام والخسارة واضحة خاصة عندما تكون التمور المباعة بسعر السوق ذات نوع جيّد وجودة ممتازة، كما يبدي بعضهم الندم على عدم مزايدته في الوقت المناسب لكي تكون من نصيبه، مما يجعلهم يواصلون رحلة التجول إلى مزاد تمور آخر لا يبعد عادة عن موضع الأول حتى يحققوا مبتغاهم في الحصول على تمور جيدة بسعر عادل وتعويض ما فات ويزيد من هذه المشاعر عندما يتحول المزاد إلى موضع تنافس يزيد فيه كل طرف السعر على الآخر على أمل أن يكون من نصيبه وسط تشجيع صوتي ودفع معنوي من "الدلال" لإلهاب حماس المتزايدين وإيصال السعر لأعلى رقم بعد أن يخلق بينهم نوعاً من التنافس المحموم يقفل عنده المزايدة ويجني الثمن من المشتري ويقتطع نسبته منه.