مع كل إعلان شراكة بين مطور عقاري وشركة تمويل تزداد القناعة بأن القطاع الخاص العقاري على تنوعه بين مطورين ومسوقين وممولين، يقود وبلا منازع حركة النهوض بالسوق العقارية، ويساهم وعلى نحو فاعل في عملية الارتقاء بمفاهيم وأدوات الحراك العقاري الذي يرمي بظلاله ليشمل كافة القطاعات الحيوية في الاقتصاد الوطني، الصناعية منها والسكنية والتجارية والسياحية كذلك، ومردّ ذلك؛ أن زمن انتظار الحلول السحرية قد ولّى، وأن كافة تلك الأطراف التي تٌكون فيما بينها أركان النهضة العقارية التي تشهدها المملكة، تدرك أن الحل يكمن في اتخاذ زمام المبادرة، والتحول إلى المساهمة في صناعة قرار التغيير، والمضي بقدم ثابتة نحو الأمام. فالعقبات والتحديات المحيطة بالسوق العقارية معروفة للجميع، وترديدها بات مقولة مكررة يومية يتردد صداها من كل صوب وحدب، لأنها وباختصار تكاد تكون من المسلمات التي نادراً من تحظى باتفاق جميع أطراف المعادلة، الجهات الحكومية، والمستثمرين، الممولين، والمستهلكين، إلا أن مواجهة تلك العقبات ومحاولة التغلب عليها ظلّ وللأسف حبيس التعقيدات الإدارية الشكلية لزمن طويل، وظلت التحذيرات والدعوات والنداءات تتعالى، وبقى الانتظار سيد الموقف. واتفاقيات التعاون والشراكة التي تقيمها شركات التطوير العقاري مع شركات التمويل والمسوقين لا يمكن النظر إليها على اعتبارها موجهة للاستهلاك الإعلامي أو لغايات التسويق؛ بل انها في جوهرها خطوة على الطريق الصحيح، ومبادرات إيجابية تستدعي التشجيع وتعميم تجربتها على مختلف المشاريع والمدن والمخططات التي تطغى على المشهد العقاري في المملكة، لأنها توفر حالة من تشكيل حلقة التكامل بفضل دورها المنشود في تقديم خيارات متعددة للأفراد من المنتجات العقارية المنوعة المواصفات والمعايير، وتوفر في الوقت ذاته الحلول التمويلية للمستهلك ضمن شروط ميسرة تتوافق وقدراته، وفوق كل ذلك، فإنها تطرح قيماً مضافة ومعايير متقدمة من الجودة والكفاءة على المنتجات بما يعود بالفائدة المضاعفة على المستهلك النهائي، الأمر الذي يجعل منها حلقة أساسية ضمن سلسلة الحلقات الواجب تكاملها تحت مظلة التشريعات المنظمة المأمولة، والتي من شأنها إعادة هيكلة السوق العقارية الواعدة ضمن مفهوم من المؤسسية محددة المعالم والمسئوليات، وبما يمكّن بالتالي من الارتقاء بمعايير الأداء والكفاءة إلى مستويات متقدمة تليق بحجم ودور القطاع العقاري في الاقتصاد الوطني، ويسهم في تحقيق التطلعات بتخطي العقبات المشهودة التي باتت بمثابة عراقيل تحد من التقدم نحو الأمام. وبدون شك؛ فإن التمويل وتسهيل الإقراض يتربع على رأس العقبات التي تواجه تطور السوق العقارية، وهو مطلب لا يرتبط باحتياجات المستهلكين الأفراد فحسب، بل ان الأمر يتعدى في الواقع إلى الشركات المطوّرة التي تتطلب مساندة تمويلية تعينها على تسريع خطواتها في مجال تطوير المشاريع العقارية السكنية والتجارية على نحو يقابل وبكفاءة الاحتياجات المتزايدة والمتسارعة للوحدات العقارية، في سوقٍ حيوية وواعدة، وتشهد طفرة تنموية لافتة، لكن قدرات تلك الشركات لتنفيذ رؤيتها واجهتها صعوبات تمويلية حادة، لا سيما وأن الدو رة الاستثمارية في القطاع العقاري تعد من الدورات طويلة الأمد، وفي ظل تقليص البنوك لنشاطها التمويلي نتيجة الأزمة المالية العالمية، وغياب التشريعات واللوائح المنظمة التي تحكم عملية التمويل ضمن آلية تلائم مصالح الجميع. وعلى نحو مماثل فإن الأمر ينطبق كذلك على الأفراد الطامحين لامتلاك منزل العمر، خاصة من ذوي الشريحة متوسطة الدخل في المملكة، والذين باتت تكاليف الإيجارات تستنزف مداخيلهم، وتبقيهم في حالة من عدم الاستقرار والخوف من المستقبل بما يحمله من ارتفاعات مفاجئة في الإيجارات، وقلة في المعروض، ونمو معدلات التضخم، في مجتمع تستحوذ فيه فئة الشباب على غالبية سكانه، ما يزيد الأمر تعقيداً، ويضع المسألة في المرحلة الحرجة. لكن محاولة التوأمة الجامعة بين طرفين رئيسيين في المعادلة (المطورين والممولين) تبقى جزءاً من العلاج، لأنها تستجيب لمطلب في غاية الأهمية يكمن في ضرورة إيجاد كيانات عقارية عملاقة في السوق المحلية، وهذه التحالفات تمثل نموذجاً من تلك الكيانات المنشودة، وتدخل الإجراءات إلى منظومة التعاون المثمر والهادف، المبنية على أسس اقتصادية واستثمارية سليمة شاملة الرؤية. * المدير التنفيذي لشركة تمليك