صدرت حديثاً عن دار الورّاق الطبعة الأولى (2010م) من كتاب (بدو وسط الجزيرة/عادات، تقاليد، حكايات وأغان) لمؤلفه الألماني جوهن جاكوب هيس، و قد قام بترجمته الأستاذ محمود كبيبو وراجعه وعلَّق عليه الدكتور محمد سلطان العتيبي، ويمكن وصف هذا الكتاب المُقسم إلى جزءين يقعان في 311 صفحة بالموسوعة المُصغرة عن بدو وسط الجزيرة العربية وما يتعلق بحياتهم الاجتماعية والثقافية والسياسية، وسبق للزميل قاسم الرويس أن نقل في هذه الصفحة بعض المعلومات التي نقلها الدكتور سعد الصويان في مؤلفه (فهرست الشعر النبطي) عن كتاب هيس حول شخصية موهق الغنامي، وأشار إلى أن الباحث المعروف تركي القداح قد ترجم أجزاء من كتاب هيس وضمنها كتابه (قبيلة عتيبة في كتابات الرحالة الغربيين) وطالب – أي القداح- بترجمة هذا الكتاب ترجمةً كاملة. ومع الأسف يخلو هذا الكتاب من مُقدمة للمترجم يمكن من خلالها تعريف القارئ بالمؤلف هيس والظروف التي جمعته مع موهق الغنامي ومسفر القحطاني وبالمدة التي مكثها في جمع مادة هذا الكتاب؛ ونجد لهذا الكتاب مُقدمتين أولاهما كتبها الدكتور العتيبي الذي راجع الترجمة وعلق عليه، وقد تركزت بشكل كبير على الحديث عن موهق (1370ه) وهو المصدر الرئيسي لمادة هذا الكتاب بحسب هيس في المقدمة الثانية والأصلية؛ وسيلحظ المطلع بأن أسوأ ما في هذه الترجمة هي القصائد التي تُرجمت بصيغة نثرية ركيكة، وأفقدتها الترجمة المتكررة من لغتها الأصلية إلى الألمانية ومن ثم إلى العربية مرةً أخرى الكثير من جمالها، وهذه مسألة أدركها المترجم وأشار إليها في الهامش ووصفها بالعملية غير الجائزة. وفي ظني أن المترجم كبيبو وكذلك المراجع الدكتور محمد العتيبي لم يبذلا جهداً كبيراً في البحث عن النصوص الأصلية للقصائد، فالدكتور العتيبي يقول في هامش صفحة 66: "للأسف الشديد إن الأستاذ هيس لم يسجل الأبيات بنصها الأصلي فضاعت هذه الأبيات وضاعت قصائد أخرى لم أستطع الوصول إليها بنصها الأصلي في الشعر النبطي بالأوزان والقوافي المعروفة، ولهذا ربما كان الأولى تبيينها هنا بترجمتها هذه حتى يتم الحصول على القصائد"، ولو قرأ ذو الاطلاع المحدود على الشعر الشعبي الترجمة التالية للقصيدة التي يذكر هيس بأنها للمرهوصه بنت سليمان الدسم وتقول الترجمة: " نمت في المساء وكان لي قلب ولما استيقظت في الصباح رأيته مسروقاً طلبت من أحد أصدقائي إعادة قلبي لي لكنه رفض، آه من اضطراب قلب تدقه لوعة الشوق كالحديد المليّن في النار تحت ضربات المطارق"، لو قرأها على ركاكتها لأدرك بسهولة أن القصيدة هي قصيدة الشاعرة قمراء الدعجانية (المرهوصه) التي تقول في بعض أبياتها: يا قلب ياللي من هوى زيد مطروق طرق الحديد ملينٍ بالضويّا أمسيت قلبي في وأصبحت مسروق وثوّرت في قلبي عميلٍ وعيّّا وهي قصيدة مشهورة ووردت في الكثير من المصادر من أبرزها كتاب (شاعرات من البادية) للأستاذ عبدالله بن ردّاس، ولو استعان المترجم بأحد الرواة المعاصرين أو الباحثين والمهتمين بالشعر الشعبي – وهذا أمر مشروع - لأمكن الحصول على النصوص الأصلية للقصائد المترجمة ولخرجت الترجمة في صورة أجمل وأكمل من الصورة الجميلة التي خرجت بها. ومن العناوين الكثيرة التي تضمنها الكتاب: حكايات وقصص الحيوانات، عادات البدو، قوانين البدو، وصف حياة موهق العتيبي، الترحال، عن الحيوانات البرية، الغزو، بعض العادات الحقوقية والعبارات المستعملة عند البيع، التصورات والعادات الدينية.