شاء الله سبحانه وتعالى أن تتوَجَّه أنظار المسلمين ومشاعرهم إلى شرائح المجتمع الضعيفة، التي لا تقوى على القيام بدورها الطبيعي في المجتمع إلا بدعم مساند من جهات أخرى، ولعلَّ على رأس هذه الفئات شريحة الأيتام، التي فيها من الضعف والحاجة إلى العطف والحنان والمساعدة المادية والإنسانية الشيء الكثير، ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم من أوائل الذين لمسوا آلام اليتم وأحزانه؛ ولذلك سجَّل في حديثه الشريف: "أَنَا وَكافِلُ اليَتِيْمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، ولا يقتصر موضوع اليتيم على مقال واحد فقط، بل من الواجب علينا أن نرّسخ حضورنا بالمشاركة الوجدانية، وزرع الابتسامة في وجه كلّ يتيم، وشخصية اليتيم لا تختلف عن شخصية الآخر، أمر الله تعالى بالعناية باليتيم في أكثر من موضع "فأما اليتيم فلا تقهر". فكفالة اليتيم تهذب النفس، والمسح على رأسه دواء من داء القسوة، وأن السنة النبوية تعلي من شأن البيت الذي يحسن فيه لليتيم. يجب عدم إشعار اليتيم بالدونية، فهناك شخصيات نشأت يتيمة لكنها صنعت التاريخ، وغيرت مسارات الاحداث خصوصاً، لقد نشأ قائد الأمة - صلى الله عليه وسلم - يتيما، فالعبرة بمدى الرعاية التي يوليها المجتمع لليتيم، والحنان الذي يسبغه عليه، فاليتيم حاجته للحب اقوى من حاجته للغذاء، ويجب ان نهتم به، فاليتيم من الناحية النفسية أية معاناة تبدأ عند عدم تلبية الحاجيات، سواء كانت سيسيولوجية أو سيكولوجية، وأن أي علاج يجب أن يبدأ بالقضاء على مصدر المعاناة، ومن ثم التفرغ لمعالجة الآثار. واعتبر أن جوع الحب أشد فتكاً من جوع الغذاء، فالحب حاجة فسيولوجية كالماء والهواء، ما يعني أن الاكتفاء بتلبية متطلبات اليتيم المادية ليست كفيلة بتنشئته تنشئة صالحة، ما لم يصاحبها اتصال حسي وعاطفي مع المجتمع يشعره بالأمان. وخلص إلى أنه في حال غياب الاتصال الحسي فإن خلايا العنف والانطواء سوف تتغلب على خلايا الحب والاتصال. ودور وسائل الإعلام ضروري في رسالة اليتيم، حيث اشدد على أهمية تماسك المجتمع حتى يستطيع الاضطلاع بدور كبير في قضية مهمة مثل "رعاية الأيتام والاهتمام بهم كفئة من فئات المجتمع". واستنكر استخدام وسائل الإعلام مصطلحات وتسميات جارحة يجب باستبدالها بعبارات تليق بالكرامة الإنسانية، وتبعد الأيتام عن دائرة الخجل والانكسار. واشدد على أن رعاية الأيتام نوع من الأعمال الخيرية في أي مجتمع، "ومن هنا فلابد أيضا من التوسع في تقديم أفضل الخدمات وتطويرها باستمرار"، وأن تعليم هذه الشريحة وإدماجها اجتماعيا، وتوفير الخدمات المناسبة لها صحيا، واجتماعيا، وتربويا، شرط لازم لجعل هذه الفئة تشعر بالمساواة مع مختلف الشرائح. إنه يجب كسر الحاجز النفسي والعزلة الاجتماعية لهذه الفئة، وذلك لتجنيبها السلوكيات الخاطئة التي تهدد البيئة والمجتمع. ونوه بالشوط الذي تقدمه المملكة في مجال رعاية الأيتام، فهناك ما يثلج الصدر من خلال اهتمام الدولة ورعايتها هذه الشريحة، ولعل الرعاية الكريمة من قبل خادم الحرمين الشرفين خير شاهد على ذلك، من خلال إنشاء مؤسسات لرعاية الأيتام". فرعاية الأيتام عمل وطني، وواجب علينا أن نسعى جميعا للوصول إلى تحقيق غاياته وأمنياته المنشودة"، وهو ما يعني الاستعانة بالمجتمع المدني لتحقيق رسالة اليتيم في المجتمع. *الجامعة الأمريكية إدارة أعمال