أكد عدد من التربويين وطلبة العلم على عظم منزلة اليتيم والإحسان إليه مؤكدين أن الإحسان إليه علاج لقسوة القلب التي حثت عليها الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة. وقد قدم القرآن الكريم اليتيم للمجتمع في صورة إنسانية رائعة ووصى المجتمع بالاختلاط بالأيتام وعدم نبذهم لكي لا يشعرون بالنقص والحرمان مع ضرورة مخالطتهم وإيوائهم وملاطفتهم ورعايتهم. تكافل المجتمع في البداية قال الدكتور عبدالله بن ناجي آل مبارك مدير مركز الإشراف التربوي بالسويدي: تعد كفالة اليتيم من القيم الإسلامية العالية التي حث عليها ديننا الحنيف من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ومن خلال كفالة اليتيم يظهر تكاتف مجتمعنا الإسلامي وتماسكه وتعاضده وعطف الغني على الفقير، بل من خلال عطف الغني على اليتيم ترق قلوب البعض وتعرف فضل الله عليها، ولكفالة اليتيم طرائق متنوعة تناسب شخصاً دون آخر فمن هذه الطرق كفالة اليتيم داخل منزل الشخص ومراعاته والصرف عليه ورعايته وفي هذا نماذج متنوعة في مجتمعنا ولله الحمد حتى يكبر اليتيم، وهناك كفالة أخرى من خلال الإنفاق على اليتيم وهو جمعية خيرية فنجد الكثير من المحسنين يكفلون أيتاماً في جمعيات خيرية أو عند أسرهم من ولادتهم حتى اعتمادهم على أنفسهم كما هو حال كثير من أهل الخير الذين يدفعون مبلغاً من المال لكفالة يتيم يعيش في جمعية خيرية أو يعيش مع أمه أو نحو ذلك، ومن يدفع المال للجمعيات الخيرية التي تعنى بالأيتام يعتبر حقيقة كافلاً لليتيم. وكفالة اليتيم متنوعة ومتعددة ولها أكثر من جانب ومن هذه الجوانب المادية والصحية والتعليمية والاجتماعية، كما ورد العديد من الآيات القرآنية تحث على اليتيم ومنها قوله تعالى (فأما اليتيم فلا تقهر) ومنها الحديث الشريف (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا) وقد أثنى الرسول على بيت فيه يتيم يحسن إليه فقال صلى الله عليه وسلم (خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه) رواه ابن ماجه. والجانب الاجتماعي: ولقد وجه الله سبحانه وتعالى إلى الاهتمام باليتيم من جميع النواحي ومنها الجانب الاجتماعي من خلال المحافظة على أمواله وتعيين شخص عاقل بإدارة أمواله حتى يكبر. كما أن ديننا الإسلامي حثنا على الاهتمام بالأيتام ورعايتهم واحتضانهم، وذلك من خلال الأسر البديلة التي ترغب في احتضان هؤلاء الأطفال ورعايتهم لديهم في عائلات مستقرة راغبة الأجر من الله سبحانه وتعالى. ولقد عنيت العديد من مؤسسات مجتمعنا المدني بهؤلاء الأيتام ورعايتهم ومنها جمعية إنسان التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز والذي يبذل جهوداً كبيرة في رعاية هؤلاء الأيتام من خلال الصرف عليهم وتدريسهم ورعايتهم، كما أن هناك العديد من الجمعيات الخيرية تهتم بهؤلاء الأيتام ووضع البرامج لهم. ولقد تميزت العديد من المؤسسات المعنية بالأيتام بوضع العديد من البرامج من حيث التدريب. والجانب التربوي يعد من الجوانب المهمة في حياة اليتيم إذ إن التربية لها دور كبير في تقديم شخصية اليتيم بشكل متكامل، ويظهر ذلك من خلال إلحاقه في المؤسسات التربوية وتعليمه وبناء شخصيته وإشعاره بالمسؤولية وفي نفس الوقت رعايته وتقدير ظروفه بشكل تربوي وحل المشكلات التي تعترضه بالأساليب الإنسانية والتربوية. والجانب التدريبي فاليتيم في حاجة ماسة أكثر من غيره أن يتعلم مهارات حياتية تعينه إذا كبر الاعتماد على نفسه والاستغناء عن الآخرين وهذا يأتي من خلال تدريبه وتوفير الفرص الوظيفية له بشكل أكبر عن غيره وذلك لظروفه الخاصة. رعاية الأيتام وتحدث الشيخ تركي بن عبدالله الغامدي في شهر رمضان الخير المبارك يحرص أهل الإيمان على أبواب الخير الكثيرة وكفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية.. قال تعالى (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم). ولك أن تتصور عظيم المنزلة بعد أن قدم الله الإحسان لليتيم بعد الوالدين والأقارب على من سواه.. ووردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه منها: عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما) رواه البخاري (قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث قال لبن بطال: حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به وليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك).. ثم قال الحافظ ابن حجر: وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكفالة اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى وهو نظير الحديث الآخر: (بعثت أنا والساعة كهاتين) الحديث وقال الحافظ أيضاً (قال شيخنا في شرح الترمذي: لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم، أو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم ولكون النبي صلى الله عليه وسلم شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً لهم ومعلماً ومرشداً وكذلك كفالة اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل، ولا دنياه، ويرشده، ويعلمه، ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة) رواه أبو يعلي والطبراني وأحمد مختصراً بإسناد حسن كمال قال الحافظ المنذري. وقال الألباني حسن صحيح لغيره وهل أن يوجب الله لك الجنة؟ إن الإحسان لليتيم علاج لقسوة القلب وإدراك المطلوب وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: (أتى النبي صلى الله عليه رجل يشكو قسوة القلب؟ قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجته) رواه الطبراني. أما عنايته صلى الله عليه وسلم بهم بنفسه، فتتمثل بأنه كان يضمهم إليه ويجعله كأبنائه ومن يعول من حاشيته: وذلك كما فعل بأولاد أبي سلمة عبدالله بن الأسد بن هلال المخزومي - رضي الله عنه - الذي مات سنة 4ه عن أولاد صغار، وعن زوجته الكريمة أم سلمة - هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية - فيتم الأطفال، وترملت المرأة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بكفالتهم جميعاً كما يكفل أبناءه. ولما أفاء الله تعالى عليه كان يلي أمر كل مسلم يموت وله عيال ويقول: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دنيا أو أكلاً أو ضياعاً فعلي وإلي ومن ترك مالاً فلورثته) (البخاري ومسلم). ولذلك فإن كفالة اليتيم والإحسان إليه من التأسيس والاقتداء بخير خلق الله عليه الصلاة والسلام. إشعار اليتامى بالحنان والعطف: ولقد كانت عنايته بهم غيره يقتصره على الحث على الكفالة والرعاية، بل كذلك في إشعارهم بالحنان والمحبة، وإدخال الأنس على قلوبهم الذي كانوا يحصلون عليه من آبائهم، حتى لا يشعروا بفقد الأب الحاني لوجود من يعوضهم عن حنوه وعطفه وبره. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً شكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال (أمسح رأس اليتيم وأطعم المسكين) رواه أحمد. ولاشك أن اليتيم وهو الذي لم يزل في عالم الطفولة الأناسية بالملاعبة واللطافة، سيأنس جداً بمثل هذه المسحة الحانية، وهذا التلطف الأبوي، وسيجد بذلك من يعوضه عن أبيه في مثل ذلك الأنس الذي فقده إياه، وما كان سينال ذلك لولا هذا التوجيه النبوي العظيم الذي يجعل كل مسلم أباً حنوناً على اليتيم. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر في عنايته بالأيتام على أسلوب الحث والترغيب، بل لقد استخدم أيضاً أسلوب التحذير والتنفير من الإساءة الأيتام أو أكل أموالهم بالباطل، بحيث لا يقدم على فعل ذلك بعده إلا من غلبت عليه شقوقه وكان من الضالين. ما تكون به كفالة اليتيم: وأضاف الشيخ الغامدي ان كفالة اليتيم تكون بضمه إلى حجر كافله أي ضمه إلى أسرته، فينفق عليه، ويقوم على تربيته، وتأديبه حتى يبلغ لأنه لا يتم بعد الاحتلام والبلوغ وهذه الكفالة هي أعلى الدرجات حيث إن الكافل يعامل اليتيم معاملة أولاده في الإنفاق والإحسان والتربية وغير ذلك وهذه الكفالة كانت الغالبة في عصر الصحابة كما تبين لي من استقراء الأحاديث الواردة في كفالة الأيتام في الصحابة رضي الله عنهم كانوا يضمون الأيتام إلى أسرتهم ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حديث زينب امرأة عبدالله بن مسعود قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن) قالت فرجعت إلى عبدالله فقلت انك رجل خفيف ذات اليد وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأتاه فسأله فإن كان ذلك يجزي عني وإلا صرفتها إلى غيركم قالت فقال لي عبدالله بل انتبه أنت قالت فانطلقت فإذا امرأة من الأنصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقيت عليه المهابة قالت: فخرج علينا بلال فقلنا له أئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزئ الصدقة عنما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن قالت فدخل بلال على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم من هما فقال امرأة من الأنصار وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الزيائب من هما قال امرأة عبدالله فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة رواه البخاري ومسلم. والشاهد في الحديث (وعلى أيتام في حجورهما). وتكون كفالة اليتيم أيضا بالإنفاق عليه مع عدم ضمه إلى الكافل كما هو في حال الكثير من أهل الخير الذين يدفعون مبلغاً من المال لكفالة يتيم يعيش في الجمعية الخيرية أو يعيش مع أمه أو نحو ذلك ومن يدفع المال للجمعيات الخيرية التي تعنى بالأيتام يعتبر حقيقة كافل اليتيم وهو داخل إن شاء الله تعالى في قول النبي صلى الله عليه وسلم (أنا وكافل اليتيم كهذا) معاملة الأيتام وقالت الأستاذة دلال الزبن انه يجب علينا كمجتمع أن نعامل هؤلاء الايتام معاملة طيبة بمحبة وإنسانية ونعتبرهم جزءاً من مجتمعنا وهذا بلاشك سيكون لديهم اعتزاز بأنفسهم. واشارت إلى أن اليتيم لا ذنب له، وقالت ان نظرة المجتمع الازدرائية قد تدفع هذا اليتيم إلى الانحراف إذا لم يجد من يوجهه لا سيما وانه يفتقد إلى الرادع فهو لا يستطيع الزواج أو العيش حياة طيبة كغيره من الأطفال. وقالت الزبن انه يجب علينا أن نساهم في دفع هذه المؤسسة الخيرية للايتام والتبرع لها لأجل أن تقوم بمهامها على الوجه المطلوب وتساهم في الارتقاء بهؤلاء الايتام الذين لا ذنب لهم. وشددت الزبن على اغتنام هذه الأيام الفضيلة في شهر رمضان المبارك من أهل الخير والمحسنين بالتبرع والجود والعطاء والانفاق على هؤلاء الايتام..