ما كنت أتخيل أن يأتي عليّ يوم أشجع فيه الناس على رؤية مسلسل تركي مدبلج ، وأنا التي لم تتابع في حياتها خمس دقائق " على بعضها " من أي مسلسل تركي مدبلج سبق وعرض على أي قناة فضائية من قبل ! في المسلسل الدرامي الذي أحثكم على مشاهدته لا يوجد شيء مما تشدق فيه المهووسون بسابق تلك الأعمال ، فهنا لا رومانسية حالمة ، ولا وجوه نيرة كوجه مهند ونور ولميس ، ولا قصور ومناظر سياحية طبيعية تخلب ألباب الناظرين . في العمل المعني - والمعنون باسم " صرخة حجر " – هناك جرائم وحشية ، قتل وأشلاء ، موت وخراب وحزن فائق .. معاناة يرزح تحتها شعب بأكمله لا ذنب له إلا أنه يدافع عن بلده المحتل من قبل شرذمة إسرائيلية احتلته وجثمت على صدره ، بوحشية ستين عاماً ! وطبيعي أن تغضب إسرائيل من القناة التي تجرأت وبثت هذا العمل الذي يؤرخ " ولو درامياً " نتفاً من مجازرها البشرية التي ترتكبها بدم بارد ، لأنها تعودت على أن ذنبها مغفور دائماً من قبل كبار دول العالم ، كما تعودت إحكام قبضتها على إخطبوط الإعلام الدولي أينما كان . إسرائيل غاضبة من تركيا التي أنتجت العمل ، ومن قناة - ام بي سي - التي تبثه حالياً ، ومصدر غضبها هو خوفها من أن يساهم هذا العمل في تعبئة مشاعر العالم ضد مجازرها وتحريضها " على مستوى خطير جداً " ، في هذا الوقت بالذات ، وهي تعيث فساداً في قلب فلسطين ، كما تصول وتجول في القدس ، وفي المسجد الأقصى ، متباهية متحدية .. بلا رقيب ولا حسيب ! أحيي القائمين على هذا العمل الدرامي ، بغض النظر عن مستوياته وجوانبه الفنية ، وأحلم بقوة أن تعي الدراما المسلمة ، والعربية أيضاً ، دورها المسؤول ، وأن يزداد توجه أعمالها نحو معالجة قضايانا الوطنية والقومية بجدية . وأحب أن ألفت الانتباه هنا إلى مقالة الكترونية وردتني إلى بريدي من أحد الأخوة الفلسطينيين يحث فيها الجهات العامة والخاصة في شتى البلاد على دعم الأعمال الفنية التي يقوم بها الفنانون الفلسطينيون ، وأضم صوتي إلى صوته راجية أن يلقى الصدى الذي يستحقه ، فالفلسطيني هو خير من يوصل رسالة شعبه وتفاصيل معاناته عبر أعمال فنية ، لو تم دعمها بشكل قوي ومستمر لأنتجت لنا آلاف الأعمال التي تفضح مجازر إسرائيل ، خاصة وأن الفنانين الفلسطينيين يمتلكون إلى جانب هَم القضية والوطن ، المقدرة والمقومات الفنية اللازمة لصناعة أفلام درامية ووثائقية وتسجيلية ، وتشهد لهم بهذا الجوائز التي نالتها أعمالهم في مهرجانات خاصة استحقوها عن جدارة .