رحم الله شاعرنا الكبير طاهر زمخشري، فقد عاش الردح الأخير من حياته في تونس، في الوقت الذي كان أغلب السعوديين المتقاعدين يعيشون في القاهرة. وكنت أسأله عن سبب تفضيله لتونس فكان يقول لي إن تكاليف الحياة فيها غير باهظة وإن كل شئ فيها طازج، هذا كان تعبيره، ولم أفهم أو أقدر وصفه هذا إلا في هذه الأيام حيث كل شيء نتناوله في حياتنا إما مجمد أو معلّب أو أحيانا مسرطن، ناهيك عن البيئة والوسط الذي نعيش فيه. في تونس كل شيء نظيف وأخضر ولهذا سميت بالخضراء، أما البيئة عندنا فيكفي أن أذكر بحيرة المسك وأخواتها في جدة، ولهذا لم استغرب حين قرأت تقريرا أصدرته مجلة عالمية اسمها انترناشونال ليفنج International Living احتلت فيه تونس المرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث جودة الحياة، واعتمدت المجلة في تصنيفها على جملة من المؤشرات مرتبطة بتكلفة المعيشة والثقافة والترفيه والواقع الاقتصادي والوضع البيئي وواقع الحريات والوضع الصحي وواقع البنى التحتية وواقع السلامة وحالة المناخ (أين مناخنا الصحراوي المترب والجاف من مناخ تونس المتوسطي المعتدل ؟) ليس هذا فقط بل سجلت تونس في السنوات الأخيرة تطورا في مؤشرات جودة الحياة حيث تضاعف الدخل الفردي وتوسعت الطبقة الوسطى لتشمل 80% من المجتمع (أخجل أن أقول إن عندنا طبقة وسطى) كما نزلت نسبة الفقر إلى 9ر3% (كم نسبة الفقر عندنا؟) أما ترتيب السعودية فقد جاء في ذيل القائمة قبل العراق وموريتانيا وجبوتي والسودان واليمن والصومال، والتقرير في النهاية يثبت أنه ليس بالبترول وحده يحيا الإنسان.