مرة أخرى، أعود لمقولة نهرو: «لأن الهند أمة فقيرة، يجب أن ننفق على التعليم بسخاء». أكرر هذه العبارة، وأنا أشاهد تقريرا لمجلة «ذي ايكونوميست» يحكي عن مأساة البطالة العربية، ويربطها بلا جودة التعليم، المنتج لهذه اليد العاملة. يقول التقرير: «تنفق الدول العربية حاليا نسبة من الناتج المحلي الإجمالي تفوق المعدل العالمي. وحققت هذه الدول نجاحات في مجال محو الأمية ورفع نسبة الطلاب الملتحقين بالجامعات وردم الهوة بين الجنسين. لكن فارق جودة التعليم يبقى مخيفا إذا ما قارنا بين العرب والشعوب الأخرى التي هي في نفس مستوى التقدم الاقتصادي. وهذا ما يفسر النسبة العالية للبطالة لدى الشباب العرب، كما ورد في دراسة أخيرة لمجموعة من الاقتصاديين المصريين بأن الفشل في إخراج عدد أكبر من المواطنين من دائرة الفقر يعود أساسا إلى نقص الخبرات لدى اليد العاملة». مجددا، تكشف دراسة حديثة، قام بها مركز أسبار للدراسات والبحوث على عدد من الشباب حول التطابق بين المناهج الدراسية وواقع الحياة الاجتماعية التي يعيشونها، عن أن 26 في المائة من الشباب يرون أن المناهج الدراسية لا تتطابق مع واقع الحياه التي يعيشونها. مؤكدين أن ما يدرس في المدارس لا يتطابق مع الحياة الاجتماعية، فيما يرى 62، 9 في المائة أن المناهج تتطابق مع بعض واقع الحياة الاجتماعية، أما 10 ،7 في المائة فإنهم يرون أن المناهج تتطابق مع واقع الحياة وهي نسبة ضئيلة. هذا هو بعض ما جاء في خبر الزميلة، جريدة المدينة، يوم الأربعاء الفائت. إذن لا جديد. دراسة مجلة «ذي ايكونوميست» المتخصصة في عدد 17 أكتوبر 2009 تحت عنوان «المتخلفون يحاولون اللحاق بالركب». ومع عنوان جانبي أكثر وضوحا لما نقول: «التعليم الذي يعتمد على النقل أحد أهم أسباب الفقر المتفشي لدى العرب». كانت تحكي هذا، والآن تؤكده دراسة محلية. الدراسة تجيء، لا لتضيف ثرثرة إلى ثرثرتنا، مع إيماني بوفرة الثرثرة العربية، في كل المجالات، عدا هذه المجالات المهمة، وإنما تجيء محملة بالأرقام، وبكشوفات حساب مع دول لا نحسب لها حسابا، في عالم النفط والمال والبهرجة والقنوات والمنتخبات الكروية المتميزة، والمشاركة والفوز في برامج الواقع والأحلام. ففي جزء منها، تذكر الدراسة أنه «في المنافسة الدولية في مجال الرياضيات والعلوم، لم تحصل دولة عربية واحدة على المعدل من بين مجموع 48 دولة مشاركة. والأسوأ لم تحصل إلا نسبة (1 %) من تلاميذ 12 دولة عربية مشاركة في الفئة العمرية 12 13 سنة على علامة متقدمة في مادة الرياضيات، مقارنة بنسبة 32 في المائة في سنغافورة ونسبة 10في المائة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وكان الاستثناء العربي الوحيد دولة الأردن التي حصلت على نسبة 5 في المائة وهو ما يفوق المعدل العالمي». وتكمل الدراسة: «تشير المؤشرات الأخرى لنفس خطورة الوضع التعليمي في الدول العربية. إذ لم ترد جامعة عربية واحدة ضمن الترتيب السنوي الأخير لأفضل 500 جامعة في العالم، مقارنة بمجموع 3 جامعات من جنوب افريقيا و 6 جامعات إسرائيلية هذي اللي جنبنا . كما يصنف منتدى دافوس الاقتصادي العالمي مصر في الرتبة 70 من ضمن مجموع 133 دولة في سلم التنافسية العالمية، بينما تأتي هذه الدولة في المرتبة 124 فيما يخص جودة التعليم الابتدائي. وتأتي ليبيا في المرتبة 128 رغم معدل دخل سنوي يفوق 16 ألف دولار أمريكي، أي في درجة أقل من دولة فقيرة مثل بوركينا فاسو». طبعا، لن أتعرض هنا، لمسألة الردح والرد، ما بين الحقيقة والخيال، في قضية وصول جامعة سعودية أو لا، إلى مرتبة الشرف بين جامعات العالم، في ظل عام أو عامين اثنين فقط، كون أن التصنيف العالمي، لا يشترى كحقيبة، ولا يعلق كلوحة نيون كبيرة، ترصع عليها النجوم، ولا يكون بجلب أكثر من اسم متميز، ولو كان حضورهم، ليس إلا على صفحات الجرائد المعلنة للخبر.. هنا فقط، مساءلة لمنظمي العطالة السرية، كما يسميهم الرائع «خيري منصور»، وهم المثقفون، والأكاديميون، الذين احترفوا الدفاع عن كل شيء، وحسن الظن بأي شيء، ولو كان هذا عائدا إلى التقوى والفضيلة والورع. غير أن الكلام الآن، يتطلب «فعلا»، واتهاما، وحسابا، وسؤالا. الحياة اليوم، لن تقبل أن تكون مدافعا عما لا تعلم، منكرا لما تعلم، قدر أن تقول الحقيقة ولا تمضي، كما يقول «كامل مروة». بل، أن تتأكد من أن الحقيقة وصلت. وصلت تماما، لا كضيوف الجامعة سالفة الذكر. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 252 مسافة ثم الرسالة