برأت محكمة إماراتية مصنع خليجيا للأغذية من تهمة تلوث حمولة سفينة بنحو 6 آلاف طن من الدقيق كانت متوجهة إلى اليمن، وأوضح الخبير في القانون البحري والمستشار بوزارة العدل بدولة الإمارات العربية المتحدة الكابتن محمد عبود بابيضان ان أحداث القضية بدأت عندما اتفق تاجر من اليمن مع مصنع للمنتجات الغذائية في دولة الإمارات على شراء 6 آلاف طن من الدقيق المكيس وتصديره إلى الحديدة بمعرفة المصنع، حيث تم استلامه من قبل التاجر في ميناء التفريغ على 3 شحنات كل شحنة 2000 طن. من جهته قام مصنع الأغذية بالتعاقد مع الشركة الاريترية للملاحة لنقل هذه الشحنات من ميناء التصدير بالإمارات إلى الحديدة من خلال تنفيذ 3 رحلات بحرية على ظهر السفينة (دندن)، ولم تكتف إدارة المصنع بذلك بل قامت أيضا بالتأمين على الشحنات من خلال بوالص تأمين مع شركة تأمين عالمية ومعتمدة. وبالفعل تم تنفيذ الشحنة الأولى بسلام وتم استلام البضاعة في حالة جيدة وعادت السفينة إلى ميناء التحميل لشحن الشحنة الثانية بكمية 2000 طن من الدقيق والتي تم استلامها في ميناء التفريغ بحالة جيدة أيضا، ثم عادت السفينة للمرة الثالثة لميناء الشحن لنقل الشحنة الثالثة والأخيرة بكمية 2000 طن من الدقيق، وعندما تم استلامها في ميناء التفريغ بميناء الحديدة تم رفض الشحنة من قبل التاجر بسبب أنها ملوثة وتالفة وتحتوي على كمية من الصراصير بعضها كبير الحجم وبالتالي أثبت المحجر الصحي في ميناء الحديدة في تقريره أن الشحنة ملوثة وغير صالحة للاستعمال الآدمي. وقام التاجر مباشرة بالحجز على السفينة مطالبا بقيمة البضاعة والتعويضات بمبلغ 140 ألف دولار. وبين بابيضان أن المصنع بدوره رفض قبول هذا الادعاء باعتبار أن الشحنة سليمة وليس هناك تقصير من طرفه وبالتالي رفض إعادة قيمة الشحنة التي استلمها مسبقا مع التعويضات التي طالب بها التاجر، وأصبح الضحية في هذه الحال هي السفينة التي منعت من تفريغ البضاعة كما منعت من مغادرة الميناء نتيجة الحجز التحفظي الذي فرضه التاجر على السفينة بسلطة القانون. بعد ذلك غادرت السفينة الميناء بعد دفع المطالبة وفك الحجز وتم توجهها إلى دولة أفريقية حيث تم بيع الدقيق بسعر رخيص نسبيا لتغطية جزء من قيمة المطالبة، كما تم رفع دعوى قضائية على مصنع الأغذية لمطالبته بالجزء الباقي من قيمة البضاعة، إضافة إلى التعويضات وغرامات التأخير، واستغرق تداول هذه القضية 4 سنوات وامتلأت ملفات القضية بالأوراق والمستندات نتيجة تضارب التقارير واختلاف التحاليل الفنية. وقررت محكمة الاستئناف تكوين لجنة من ثلاثة خبراء للنظر في القضية ودراستها وإعداد تقرير فني عن ملابسات هذه القضية، وبعد ثلاثة أشهر من الدراسة والاجتماعات المكثفة والاطلاع على جميع التقارير توصلت اللجنة في قرارها إلى أن المتسبب في تلوث الشحنة هي السفينة وهي المسؤولة عن جميع التعويضات المستحقة رغم أن الشركة الملاحية التابعة لها هي المدعي، وأوضح تقرير الخبراء أن السفينة قامت بالفعل بتجهيز عنابر السفينة قبل الشحن وذلك حسب الإجراءات المتبعة وحصلت على شهادة التبخير التي تفيد بخلوها من الحشرات التي يمكن أن تلوث الشحنة ولكن الخبراء اكتشفوا أن قبطان السفينة فتح العنابر للتهوية بعد 4 أيام من الإيجار بينما التعليمات واضحة بعدم فتح العنابر للتهوية قبل 8 أيام من تاريخ التبخير وأدى هذا التصرف إلى أن تنشط الحشرات التي كانت موجودة أصلا في السفينة وتتجه مباشرة إلى العنابر والتسلل إلى الدقيق وعمل فتحات في الأكياس، وعليه عند وصول البضاعة إلى ميناء التفريغ لوحظ وجود هذه الحشرات التي أدت إلى رفض الشحنة لتلوثها. وقد أفاد الربان في استجوابه عن فتح العنابر للتهوية رغم علمه بخطورة ذلك بأن الطقس كان حارا جدا والهواء متشبع بالرطوبة، وخشي من تلف البضاعة نتيجة الحرارة والرطوبة علما بأن الشحنات السابقة كانت في ظروف جوية جيدة. واعترف بخطئه في ذلك متحملا المسؤولية، وبهذا التقرير الذي هو منطقي استندت محكمة الاستئناف برفض دعوى المدعي وتبرئة المدعى عليه مصنع الأغذية الذي كاد يغلق أبوابه لو ثبت عليه مسؤولية الإهمال في حماية بضائعه من الحشرات.