تقدم وكيل ناقلة نفط إلى إحدى المحاكم الخليجية يطالب شركة بترولية معروفة بدفع تعويض مادي لموكلته وقدره مليوني دولار مقابل استئجار ناقلة البترول لنقل شحنة من الزيت القاعدي (base oil) تم التعاقد عليها بين الشركة وشركه أخرى في الصين على أن تتواجد هذه الناقلة في ميناء التحميل في دولة ثالثة ولكن في نفس منطقة الشركة البترولية ليتم تسليم الشحنة كاملة إلى الشركة الصينية في ميناء التفريغ الذي حددته الاتفاقية بين الطرفين، إلا أن الشركة قامت بإلغاء الشحنة نتيجة تلوث البضاعة وثبت بالتحليل المخبري عدم صلاحيتها وأنها غير مطابقة للمواصفات الفنية المدونة عند الاتفاق بين الطرفين. وبناءً على ذلك قامت الشركة البترولية بإلغاء الشحنة من ميناء التحميل لتلوثها. وقدم وكيل الناقلة لهيئة المحكمة كشفا بالمطالبة بالمصاريف والتعويضات التي تستحقها الناقلة نتيجة قيامها بواجبها وأنها تواجدت حيث طلبت الشركة في ميناء التحميل، وقامت باستقبال كميات محدودة من الزيت القاعدي في عنابرها التي جهزتها مسبقا لاستقبال الشحنة. فيما رفض وكيل الشركة المدعي عليها ومنذ الجلسة الأولى نفيه وجود أي تعاقد أساسا بين الشركة البترولية الخليجية و بين ملاك أو مشغلي الناقلة المذكورة. مؤكداً أن جميع ما ذكره وكيل الناقلة هو إدعاءات لا أساس لها من الصحة. وأن جميع ما قدمه من أوراق ومستندات هي أوراق عرفية لا يعترف بها وتحدى أن يقدم وكيل الناقلة أي أوراق أو مستندات رسمية تؤيد دعواه. ولم تستطع المحكمة الوصول إلى قرار بسبب الغموض في القضية حيث ان هناك حلقة مفقودة لم يتم اكتشافها لمعرفة مفتاح القضية فكان قرارها في يوم جلسة نظر القضية وبحضور طرفي النزاع أن يتم عرض القضية على خبير بحري متخصص لدراستها ومناقشة طرفي النزاع فيها وتقديم تقريره الفني لهيئة المحكمة بناء على المهام التي كلفته بها وفي خلال 60يوما من استلام التكليف. وبناء على حكم المحكمة تم اختيار خبير بحري لمباشرة القضية وتقديم تقريره الفني بعد الاطلاع على جميع المستندات والمحاضر والمرافعات في هذه القضية كما أعطته الحق في الاجتماع بطرفي النزاع مجتمعين أو منفصلين ومناقشتهما في جميع ما ورد في القضية وتقديم تقريره إلى المحكمة قبل انعقاد الجلسة التالية، وبالفعل قدم الخبير تقريريه وقبل المدة المحددة وقال للقاضي ان جميع المستندات المقدمة من الناقلة صور ضوئية وجميعها من طرف واحد ولم نجد أي مستند من قبل الشركة المدعى عليها يطلب التعاقد مع الناقلة كما أن عقد المشارطة الذي أرسل بالبريد الإلكتروني إلى وكيل الشركة المدعى عليها لم يتم الرد عليه من أي جهة ولا توجد مراسلات متبادلة بين الطرفين، ولقد اجتهدنا في البحث عن دليل يثبت التعاقد فلم نجد أو رسالة تطلب فيها الشركة من الناقلة التوجه إلى الميناء المذكور فلم نجد أيضاً أي دليل أو مخاطبة من الشركة إلى الناقلة تطلب إلغاء الرحلة أو فسخ التعاقد. وقال ل "الرياض" الربان البحري محمد عبود بابيضان رئيس مركز محمد عبود للاستشارات البحرية بجدة انه يؤيد الخبير في عدم احتساب أي مطالبة أو تعويض للناقلة لأنه كما هو واضح أن هذه القضية كما نقول عليها أحياناً مجازاً أنها قضية مطبوخة ويستطيع الخبير أن يكتشف هذا التلاعب والتزوير في المستندات من واقع خبرته في هذا المجال لان ظاهرة القرصنة البحرية الحديثة لازالت تمارس بأسلوب حديث وهو القرصنة بواسطة المستندات البحرية وأعتبر هذه القضية من هذا النوع وهي تكثر في منطقتنا خاصة لاعتقاد بعض الجهات أنه من الصعب كشفها نظراً لأن العمليات البحرية التجارية معقدة بطبعها وتحتاج إلى المختصين في فهم جميع محتوياتها ويساعد على ذلك كثرة القوانين البحرية وتطبيقاتها ولكن عليهم الاستعانة بمستشار أو مختص في هذا المجال للاسترشاد عند اتخاذ بعض القرارات عند استئجار أو شراء سفينة بحرية أو الدخول في مشاريع بحرية. وبالرجوع إلى سوق تأجير ناقلات البترول قبل عدة سنوات نلاحظ أن هناك كسادا في هذا السوق وعليه وهذا فقط افتراض وليس استنتاجا أن إدارة الناقلة عندما علمت بوجود هذه الشحنة إلى الصين وربما لتعامل سابق مع الشركة الخليجية تم إرسال الناقلة إلى الموقع حتى قبل أي تعاقد رسمي وربما لمجرد مكالمة تليفونية ولهذا سمح للناقلة بالدخول إلى الرصيف واستقبال الشحنة وأخذ عينات وعندما تم اكتشاف التلوث تم فسخ عقد الناقلة تليفونياً أو عن طريق أطراف أخرى ودون التزام رسمي من الشركة المستأجرة وعندما طالبت الناقلة بمصاريف الرحلة وجدت الشركة أنه ليس هناك شيء رسمي يربطها بذلك فرفضت الدعوى وفي هذه الحالة فإن توصية الخبير بعدم احتساب أي تعويض للناقلة هو قرار صائب سواء كانت متلاعبة في الأوراق والمستندات أو كانت متهاونة في توثيق العلاقة التعاقدية مع الطرف الآخر.