تعاملوا مع المرأة كهامش اجتماعي ليس له قيمة، ولا تأثير، ولا مشاركة في صناعة مستقبلات الوطن، وصياغة وعيه، وفكره، وثقافته، وإنجازاته الحضارية. تعاملوا مع المرأة من خلال فكر إقصائي، تهميشي، فوقي، ومارسوا مع عقلها، وفكرها كل أنماط وأساليب القمع، والمصادرة، ونظروا إليها من خلال المطبخ، والسرير كوظيفة، ومن خلال الجسد كشيطان يثير الشهوة، ويحفز الرغبة. كان «صوتها من خلف الباب عورة»!؟ وكان اسمها لا يُذكر إذ إنه يدخل في صلب ثقافة العيب، إن لم نقل «العار» والعار حين يتجسد في ذكر اسم المرأة فإن دونه «خرط القتاد» ومعه تكون «داحس والغبراء» فالشرف الرفيع لا يسلَم من الأذى حتى تراق على جوانبه دماء، ودماء، وخصومات، وصليل سيوف. وكانت المرأة في زمن التخلف والجهل وثقافة الرجل القبلي الشرفي متاعاً، وراحلة، وخادمةً ترعى شؤون البيت، وإعداد ما «يطلق» الوجه من وجبات، وما يرضي غرور الرجل واعتداده بفحولته ورجولته من أنوثة. تمردت المرأة على هذا الواقع المحبط والمتخلف والرديء، عمل عقلها، وتوثب طموحها، ووظفت قدراتها السيكيولوجية والفسيولوجية من أجل المشاركة في بناء المجتمع، والإنسان، وتحقيق التطلعات، وانتصارات الوطن في المناحي العلمية، والثقافية، والفكرية، والإنسانية. تحولت المرأة إلى مدماك قوي في بناء الصرح الوطني، والاجتماعي. صار لها حضورها الطاغي والمشرّف والمبهر في إنتاج النمو، والتنمية، وصياغة المنتج الحضاري الإنساني، وأثبتت لمن يريدون إقصاءها وتهميشها أنها عقل وفكر ووعي وإنتاج، وأنها مخزون إبداع، وخلق، وموطن رؤية وفعل وعي. هل نستدعي النماذج..؟؟ مثلاً، مثلاً. كرّم خادم الحرمين الشريفين ، رجل الإصلاح، كرّم د.خولة الكريع كبيرة علماء أبحاث السرطان بمستشفى الملك فيصل التخصصي، وقلدها وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى نظير تحقيقها عدة إنجازات بحثية. لا نتوقف عند اسم العالمة خولة الكريع، فالوطن معطاء، والأرض منجبة. العالمة غادة المطيري. العالمة حياة سندي. الكثرة من الأديبات، ومن هيئة التدريس في الجامعات. المستشارات في مجلس الشورى وهن كثر. نورة الفايز أول نائبة وزير في المملكة. هل نمضي في استدعاء الأسماء، والمواقع، وتجليات العقل؟؟ نقف، لننحني للمرأة كعقل، ووعي، وفكر، ونفرح ونحتفل بردها القوي والصارخ على المشككين من الظلاميين.