تشمل المنظومة المالية خمسة أنظمة هي: نظام التمويل العقاري. نظام مراقبة شركات التمويل. نظام الإيجار التمويلي. نظام الرهن العقاري. نظام قضاء التنفيذ. وهي أنظمة مترابطة تصدر في وقت واحد. واللوائح التنفيذية لهذه الأنظمة ستكون أكثر دقة في تحديد تأثير المنظومة المالية على السوق العقارية في المملكة. ويشترط في هذه اللوائح أن لا تتعدى ما ورد في الأنظمة، لذا فهي لن تصدر إلا بعد صدور المنظومة المالية. المنظومة المالية ستملأ فراغاً تشريعياً وستساهم في تنظيم السوق العقارية في المملكة، لكن هل ستساهم المنظومة في زيادة نسبة تملك المواطنين لمساكنهم؟ ستساهم المنظومة في توفير مصادر تمويل إضافية أقل عشوائية مما هي عليه الآن، وسيخضع سوق التمويل العقاري لإشراف جهة رقابية هي مؤسسة النقد العربي السعودي. ويتوقع أن يؤدي ذلك إلى ضخ استثمارات إضافية للسوق العقارية في المملكة. لكن مشكلة تملك السعوديين لمساكنهم ليست في قلة مصادر التمويل بقدر ما هي ناشئة عن التفاوت الكبير بين تكاليف بناء المنزل والمستوى العام للدخل الفردي. في الولاياتالمتحدة يعادل متوسط قيمة المنزل متوسط الدخل الفردي لمدة ثلاث سنوات تقريباً، في حين يعادل متوسط قيمة المنزل في المملكة متوسط الدخل الفردي لمدة عشر سنوات. وبالتالي لن تكون المنظومة المالية كالعصا السحرية التي ستحل مشكلة الإسكان في المملكة، بل لابد أن تُسبق بمجموعة من القرارات والإجراءات والأنظمة المؤدية إلى خفض تكاليف البناء، ومن ذلك ما يلي: أنظمة البناء لابد أن تكون في صالح التكاليف، سواءً المتعلقة بالتصاميم ومواد البناء، أو عدد الأدوار والارتدادات التي تتراوح ما بين 30 إلى 40% من مساحة القطعة السكنية. تفعيل كود البناء الذي يوحد المواصفات الفنية للمنازل مثل أحجام النوافذ والأبواب التي تكلف عملية تصميمها لكل منزل الشيء الكثير. تشجيع إنشاء المجمعات السكنية ووقف عمليات البناء العشوائية التي حولت معظم المواطنين إلى مقاولين. نشر الوعي بين أفراد المجتمع ليتناسب تصميم المنزل مع احتياجات الأسرة الحالية والمستقبلية، ويكون في صالح تكاليف الإنشاء، والصيانة، والخدمات الأخرى كالكهرباء، والماء، وغيرها. ولكي تساهم هذه القرارات والإجراءات في رفع مستوى معيشة المواطن وزيادة نسبة تملك السعوديين لمساكنهم ينبغي رسم خطة إستراتيجية تضع حداً للنمو السريع في قيمة أراضي القطع السكنية, فمعدل نمو أسعارها أعلى بكثير من معدل نمو تكاليف البناء. في السابق كانت قيمة القطع السكنية لا تتجاوز 25% من قيمة المنزل، بينما تقترب الآن هذه النسبة من 50% في معظم المدن الرئيسة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال: تذليل العقبات لتطوير مخططات المنح السكنية القائمة وتزويدها بكافة الخدمات الأساسية من رصف، وإنارة، وكهرباء الخ. تطوير بعض المناطق المملوكة للدولة وتزويدها بكافة الخدمات الأساسية قبل منحها للمواطنين، وذلك خشية من قيام بعض المواطنين ببيع أراضي المنح بأسعار منخفضة لعدم توفر الخدمات؛ فتصبح أراضي المنح دولة بين الأغنياء منهم. وقد يرى البعض أن أفضل الحلول لوضع حد للنمو السريع في أسعار قطاع الأراضي السكنية يتمثل في فرض الضرائب على القطع السكنية غير المستغلة. وهذه نظرة راديكالية قد تدخل اقتصاد البلاد في مغامرات غير محسوبة تؤدي إلى تدهور حاد في قيمة الأصول. يضاف إلى ذلك أننا غير متأكدين من أن هذه السياسة ستؤدي بالضرورة إلى خفض أسعار القطع السكنية، ففي الأجل القصير قد يُحمّل المشتري قيمة الضريبة. أما في الأجل الطويل فقد يؤدي تراكم الضرائب على القطع السكنية إلى ارتفاع التكاليف على المشتري. ناهيك عن عمليات التهرب من الضرائب، والتناقل الصوري للقطع السكنية بين الملاك. المؤيدون لفرض الضرائب على القطع السكنية غير المستغلة يرون أن ذلك سيؤدي إلى تحول القطع السكنية من مستودع للقيمة إلى وسيلة للإنتاج، وبالتالي ينتقل هدف المستثمرين من الاستثمار في حيازة القطع السكنية إلى الاستثمار في عمارتها. لكن في كل الأحوال ينبغي دراسة هذه القضية من جميع جوانبها، ومراعاة الفترة الانتقالية التي يحتاجها الاقتصاد الوطني للانسجام مع أي قرارات بهذا الحجم.