يمكنك أن تبدأ العام الجديد بتذكر كل موقف سيء مررت به أو كنت طرفا فيه وكل لحظة إحباط عشتها وكل مسبب للنكد بحثت عنه أو وجدك صدفة أو حتى اختارك عن سبق إصرار وترصد! ويمكنك أن تبدأ العام الجديد وأنت تبحث عن الأخطاء التسعة أو المائة أو المليون واقفا أمام مرآة تضخم الأمور وتشوه الصورة بطريقة فوضوية وتجعل عينك في مكان أصابعك ويدك تخرج من أعلى رأسك، ويمكنك أن تبدأ عامك الجديد وأنت تعد الشعيرات التي سقطت وتلك التي أصابها الشيب وتقرر أن تشغل وقتك بالتحسر على الذي مضى أو الذي تظن أنه مضى ولن يعود وتصاحب ذلك بالشعور بالأسى والإحساس بأن الآت سيكون حتما أسوأ تاركا نفسك تتوه في دائرة "ياليت، ولو أنني، وآه لو كان، ويا خوفي من اللي جاي"! لكن يمكنك أيضا أن تبدأ العالم الجديد وأنت هنا حاضر في هذه اللحظة مقدرا ما تنعم به من صحة وستر وهدوء وأمان سعيد بوجود الأحبة المحيطين بك ومحافظ على ذكريات جميلة لكل من رحلوا. ويمكنك أن تبدأ عامك الجديد معترفا بفضل الله عليك و بما أحاطك بك من نعم كثيرة، يمكنك أن تتأمل هذه النعم وتتفكر فيها ولو لدقائق لتشعر بأنك غني بأنك تملك الدنيا وما فيها لأنك تملك راحة البال والقناعة والتطلع للغد والرغبة في أن تمسك بيد يومك وتمشي معه في طريق اخترته أو اختارك ويناسب ظروفك وقدراتك لا أن تترك يومك يرحل ويخلفك وراءه وأنت نادم متردد خائف متحسر أو حتى مشغول بمن سبق الآخرين ومن أخذ طريقا مختصرا ومن جلس ليرتاح قليلا! في النهاية... أنت حر! نعم أنت حر في أحاسيسك ومشاعرك، فلا أحد سيملي عليك طريقته في التفكير ولا أحد سيختار عنك فلسفتك الشخصية ورؤيتك للأشياء حتى لو كانت هذه الفلسفة مشوشة قليلا أو مختلطة ومتضاربة ولا تخضع لمنطق يعرفه العقل ويجهله القلب وتتجاهله المشاعر! لكن تذكر أن بإمكانك أن تتفاعل إيجابيا مع معطيات حياتك أو بإمكانك أن تستسلم لكل فكرة سلبية تعيدك للوراء وتشغلك بالخوف بينما كثير ممن حولك يبدأ عامه الجديد بابتسامة. وتذكر أنك هنا وأنت تقول للآخرين: "كل عام وأنتم بخير"! وتذكر أن تقولها لنفسك قبل أن ترددها بذهن غائب لمن حولك!