كثيراً مانلاحظ ان الاطفال يتعلقون بأمهاتهم في مراحل حياتهم الاولى خصوصا مابين سن نصف عام الى سن العام والنصف .. وهذا امر طبيعي عند غالبية الاطفال لاعتبارهم ان الام بالنسبة لهم هي مصدر الامان والاشباع للحاجات النفسية والبيولوجية .. ولكن مابعد هذه السن يصبح هذا السلوك امرا مرفوضا ومزعجا سواء كان للطفل او للام ، والاسوأ حين تتعلق الام بطفلها فتحاول ان تجعله متعلقا بها فلا يستطيع ان يتحرك او يتنفس أو يطعم الا بامرها وتحت رعايتها ، وهذا في الاساس يرجع الى اسباب اجتماعية مثل الخلافات الزوجية او اسباب نفسية مثل حب التملك او حب السيطرة ، فتحاول الأم جذب الطفل عن طريق غمره بالمحبة المفرطة وبتلبية متطلباته وحاجاته الكمالية ، حتى تكسب وده وحبه والبقاء معها في صفها ، مما يؤدي الى تعلق الام بالطفل تعلقا غير طبيعي دون شعور منها ، فارضة على الطفل نوعا من الحياة الزائدة غير السليمة ، كأن تحرمه من الاختلاط بالاطفال الاخرين ، او الاحتكاك بوالده ومجالسته حتى ولو كان الحديث بينهما وديا ، السبب الذي يؤدي الى حرمانه من الانفطام نفسيا ، بالاضافة الى قلة اعتماده على نفسه في اتفه الامور ، وحرمانه من الشعور بلذة الانتصار او مرارة الهزيمة في امور الحياة كلها ، والتي تعتبر من مكملات شخصية الطفل ونموه الاجتماعي والتربوي الطبيعي ... **** وفي مرحلة المدرسة ينصدم الطفل بالواقع الحقيقي ، ويعالج خبرات جديدة لا قبل له بها ، ويتصارع في علاقات تحتاج الى الاخذ والعطاء ، فيشعر انه امام هذا العالم الحقيقي قليل الحيلة ، فيحجم عن التنافس مع اقرانه في اي موقف لقلة خبرته وطلبا للسلامة .. مما ينعكس سلبا عليه فيزداد تعلقا بأمه التي تمثل له مصدر العطاء والحماية والحياة السهلة ، التي لا تحتاج الى مواجهة او مسايرة ، فيصبح شبح الفراق عن امه يهدد استقراره النفسي وتكيفه الاجتماعي ... **** لذا على الأم ألا ترمي طفلها في هذا المأزق بدافع الحب او تحقيق الاهداف الشخصية وعلى رأسها حب التملك ، ولا ان تجعل من طفلها متنفسا تنفس به عن مشاكلها الاجتماعية او النفسية ، فالطفل نفسية لها كينونتها ولها متطلباتها الخاصة في كل مرحلة ... وإن حصل ذلك فلابد ان تحاول الام فطم نفسها عن طفلها اولا حتى تتمكن من فطم طفلها عنها بعد ذلك ، جاعلة التدرج في الانفصال وسيلة لها ، وذلك بان تتركه يعتمد على نفسه في تلبية حاجاته ومتطلباته التي يستطيع عملها لوحده ، حتى وان شاهدته يتألم من هذا الفطام النفسي فعليها ان تصبر نفسها لانها بذلك ترحمه رحمة تنفعه بدلا من رحمة تجر عليه ويلات عندما يشب ويكبر .. كما عليها ان تجعل للاب دورا في حياة الطفل كأن يأخذه معه في بعض المشاوير القريبة خارج البيت ، وان يجالسه ويجالس ضيوفه ، كما ان اشراك الطفل مع الاطفال الاخرين في لعبة او رسمة او رياضة او في فصل تعليمي يمكن الطفل من الاندماج مع المجتمع الجديد ، ويجعله طليق الفطام النفسي .. وعلى دروب الخير نلتقي ..