كثيراً ما ننسى في زحمة الحياة أننا يجب وبالضرورة أن نسقي أولادنا حباً وحناناً واهتماماً.. في حين ان الأمر مهم، لا لشيء إلا لأن العطاء الوجداني حاجة للطفل، بالضبط كمثل حاجته إلى الطعام والشراب إن لم يكن أكثر!!.. ففي ظروف الحياة المعقدة والمتشابكة نجد أولادنا مشتتين يخيم عليهم شبح الإهمال العاطفي والجوع النفسي والظمأ الوجداني الذي قد ينعكس على سلوكياتهم وعلى نمو شخصياتهم فيما بعد! .. *** لو يلحظ كل منا تصرفاته مع أبنائه، لوجد أنه كثيراً ما يعامل طفله كحق مكتسب له كأي شيء يملكه دون أي حقوق، أو مطالب هذا من أدنى التعامل، في حين ان البعض يعامله بقسوة وعنف وشدة، كأنه هو المتنعم عليه بالوجود وبالتالي من حقه أن يعامله بأي طريقة يراها حتى وإن كانت طريقة قاسية او ظالمة !! .. *** أما الوجه الآخر فهو من نجده بدافع الحب يعزل طفله ويمنعه من التواصل مع الأطفال الآخرين بدعوى الحرص عليه.. وبهذا نفزعه ونخوفه فنولد عنده إحساساً قاسياً بعدم الأمان، والأخطر من كل ذلك، ان بعضنا أحياناً يتجاهل الطفل بحرمانه من كل المتغيرات الاجتماعية المهمة لنموه النفسي والاجتماعي.. *** مالا يعرفه كثير من الآباء والأمهات عن الإهمال العاطفي، وأهمية الغذاء الروحي، هو حصيلة البحوث النفسية الأخيرة من الآثار الجسدية والحيوية والتي تنعكس على الطفل المحروم عاطفياً.. فهذا الطفل لا يملك القدرة على النمو الجسدي، دون أي مسبب عضوي، ولذا سمى بعض علماء النفس هؤلاء الأطفال بالأطفال الأقزام نفسياً، أو الأقزام المحرومين.. هذا الحرمان العاطفي لا يأتي فقط من العوامل السالفة الذكر لكنه قد يكون بسبب تراكمي وهو مشاهدة الصراع بين الأب والأم ومعايشته والإحساس به، وما هو أهم من ذلك والذي يؤدي إلى الحرمان العاطفي بشكل خفي فهو انحسار الحب والحنان والدافع الأسري بسبب عدم الترابط. وأخيراً لا ننسى أن الأطفال عجينة تشكَّل حسب البيئة المحيطة.. لذا فعلينا أن نتعلم ألا نرفضهم أو نحرمهم أو حتى نرعبهم ونخوّفهم فلا يكبرون ويقف نضجهم .. وعلى طريق الخير نلتقي ..