أدخلني كثير من القروبات ضمن قوائم توزيعهم دون إذن. معظم هذه القروبات نصائحية. من النادر أن تستفيد منها .إعادة إنتاج نصائح سمعها الناس حتى زهقت أرواحهم منها. كثير منها مصحوب بمشاهد مصورة. أسوأها طبعا عندما يبعث لك أحدهم صورة قبور مجللة بصراخ وعويل داعية. كأن تصدير الأمراض النفسية والفوبيات مفيد في الدعوة إلى الله. والأسوأ الثاني أن تستقبل بعض المشاهد العلمية مثل السفر بين النجوم أو مسارات الذرة أو صورة تلفزيونية لما يجرى في رحم الأم مصحوبا بآيات قرآنية تحاول ربط الصورة بالآية كما يفعل جماعة الإعجاز. عندما تتأمل في المحاولات البائسة التي تربط بين القرآن الكريم والمنتجات العلمية تشعر بالأسى . إثبات أن كل ما اخترعه الغرب موجود في القرآن. كأنما الرسالة خلف هذا السخف تريد أن تقول إنه لا فضل للغرب علينا نحن المسلمين. كل شيء موجود عندنا منذ ألف وخمسمائة سنة. هذا الخطاب هو نفس الخطاب الذي رددناه منذ أكثر من قرن. أن العرب هم من اخترع كل شيء ، الانفلونزا هي أنف العنزة وعباس بن فرناس هو رائد الطيران والخليفة العباسي أهدى الاسطرلاب إلى شارلمان. مسكين الغرب لا يوجد لديه ما يتفاخر به. كلما اخترع شيئا جديدا يفاجأ بأن هذا من اختراع العرب والمسلمين. حتى شكسبير شاعر الانجليز الأول اكتشفنا أن اسمه الصحيح الشيخ زبير. بعد أن اتضح سخف البحث في الكتب القديمة والاستشهاد بأقوال بعض الكتاب الغربيين جاءنا الزنداني وزغلول وبقية المرتزقين بالدين ليقحموا هذه المرة القرآن الكريم في تعليل التخلف واليأس وتخدير الناس. ما الذي نريد أن نصل إليه عند ربط الصور العلمية التي تصدرها مختبرات الغرب بالقرآن الكريم ، ما الذي يعنيه أن نأخذ فيلما مصورا أنجز في كاليفورنيا أو السويد أو في إسرائيل ثم نضع عليه بعض الآيات القرآنية ونوزعه على الناس؟ حتى لو ثبتت إعجازات زغلول المزعومة ما هو فضلنا نحن المسلمين في الموضوع؟ الله خلق كل هذا والغرب اكتشفه وصوره وبثه. ما علاقتنا بالموضوع؟ لماذا نحاول أن نثبت أن هذا كله جاء ذكره في القرآن. سواء ذكرت هذه المخترعات في القرآن أو لم تذكر كلنا متفقون كمسلمين أنها من خلق الله تعالى وأن القرآن كلامه. بعد أن تحول مصطفى محمود من مفكر إلى داعية دينية اخترع لنا شيئا عجيبا سميناه تلك الأيام (بصم بصم) أي انظروا باللهجة المصرية.كان يعرض فيلما علميا. يلغي منه الشروحات والكلام العلمي المصاحب ويضع مكانه كلاما ثيوقراطيا من اختراعه. ما يصلني اليوم من القروبات هو في الواقع تطور لانجازات مصطفى محمود الثيوقراطية. تؤكد أننا أمة يتراجعان للخلف. العلم والفنون تتراجع ولا يتقدم عندنا سوى التخلف. وجود أشخاص مثل مصطفى محمود والزنداني وزغلول في أمة يدل على أن هذه الأمة نقية من أي تقدم. لا يشوب تخلفها شائبة.