تشكل زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى سورية تحولا إيجابيا في المسار العربي كونها تكتسب أهمية خاصة في ظل الظروف الدولية التي تمر بها المنطقة وهذا إن دل على شيء فهو يؤكد حرص كل من الملك عبد الله وأخيه الرئيس السوري بشار الأسد على وحدة الصف العربي والإسلامي بالرغم من المصاعب والتوترات التي اعترت العلاقات بين البلدين الشقيقين. وتعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين تتويجا للزيارات التي قام بها عدد من المسؤوليين من كلا البلدين وعلى كل المستويات ورغم أن الزيارة تأتي في إطارها الطبيعي إلا أنه لا يستطيع أحد أن ينكر طابعها الخاص فهي لن تقتصر على طابعها البروتوكولي بل ستعالج الكثير من الملفات التي تنتظر لمسات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وأخيه الرئيس الأسد. إن زيارة الملك عبد الله إلى دمشق ستؤكد جملة من الخصائص والسمات وستعطي حتما حيوية للعلاقات العربية وعموم المنطقة عبر الانطلاق لمرحلة جديدة تكون فيها مصالح البلدين والعالم الإسلامي فوق كل اعتبار. ووفقا للمحللين السياسيين فإن الزيارة يمكن فهم معانيها من خلال عدة جوانب منها التأكيد على أهمية العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة فسورية وكما يعلم الكثير تشكل فضاء استثماريا للمملكة وحسب العديد من الإحصائيات فإن الاستثمار السعودي في سورية متميز ويحتل المركز الأكثر تقدما بين مختلف الاستثمارات كما تشكل السعودية العمق الاستراتيجي لسورية من الناحية السياسية حيث إن هناك تطابقاً في غالبية الأفكار والمواقف ولا سيما ضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة ومنها الجولان العربي السوري. كما سنجد الكثير من نقاط اللقاء في قضايا المنطقة ومشاكلها لدرجة التطابق في بعضها إذا لم نقل في معظمها وحول هذا الموضوع أكد الكاتب والمحلل السياسي أدهم الطويل أن زيارة الملك عبد الله إلى سورية ستنعكس إيجابا على الساحة اللبنانية، وستساهم مساهمة مباشرة في تعطيل الأفخاخ المصطنعة أمام تطور العلاقات السورية - السعودية، معتبرًا أنّه لا بد أن تذهب هذه الزيارة بمضمونها الاستراتيجي، إلى تعميق العلاقات العربية. بدوره أكد المحلل السياسي سليم عثمان أن الزيارة ستمنح دمشق والرياض جرعة جديدة من العلاقات بين البلدين. من جهتها عبرت الأوساط الرسمية والثقافية والإعلامية والشعبية في سورية عن ترحيبها بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، وأعربت عن تفاؤلها بهذه الزيارة الأخوية التي ستساهم في إيجاد الحلول المناسبة للقضايا العربية والإسلامية وبلورة رؤى مشتركة لتعزيز التضامن العربي. فقد ثمن الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب الزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين إلى سورية وقال في تصريح "للرياض" نحن لازلنا نتوخى من العلاقات العربية أن تزداد تقاربا وان تنتهي الخلافات الضيقة التي حدثت بين الدول العربية لان الأمة العربية تواجه جميعها أخطارا واحدة، وأضاف من هنا تأتي أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى سورية تلبية لدعوة الرئيس بشار الأسد من جهة ومن جهة ثانية للتشاور حول قضية العرب الأولى قضية فلسطين، ولاسيما أن هذه القضية تمر بمفاصل خطرة هذه الأيام ، فهناك اعتداء صهيوني صريح على المسجد الأقصى إضافة إلى قضايا أخرى، ولذلك لابد من اجتماع القيادات العربية للتشاور حول هذه القضية، وأضاف أما العلاقات الكامنة بين القطرين العربيين الشقيقين السعودية وسورية فستكون هناك مشاورات حثيثة لزيادة التقارب في رؤى البلدين، ومن هنا تكمن أهمية هذه الزيارة، ونتمنى ان ينتج عنها تطابق في الرؤى التي تخدم مصالح الأمة العربية، ويتطلع الأدباء والمثقفون في سوريا بعين متفائلة لأهمية هذا اللقاء الذي يساهم في زيادة التلاحم العربي، وان يكون لاجتماع القيادتين السورية والسعودية منطلقا لتعميق التضامن العربي لان العدو الصهيوني وأعداء الأمة لايمكن أن يخترقوا هذه الأمة إلا إذا كانت دولها مشتتة ومواقفها غير متفقة، وختم جمعة تصريحه بالتمني بأن ينجح هذا اللقاء الذي يصب في النهاية بصالح الأمة والشعبين في سورية والسعودية. أما الدكتور خلف علي المفتاح مدير مؤسسة الوحدة للصحافة "الرسمية " في سورية فاعتبر أن زيارة خادم الحرمين إلى سورية هي زيارة تاريخية في توقيتها وظروفها، وأضاف من الطبيعي أن يكون هناك زيارات بين الأشقاء العرب وتواصل بين الرؤساء والملوك العرب ومن هنا يمكن القول أن زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى سوريا هي زيارة إلى دولة شقيقة ومرحب بها في سوريا رسميا وشعبيا، وتأتي أهمية هذه الزيارة من خلال المكانة والتأثير الكبير لسوريا د. إبراهيم نقشبندي عضو مجلس الافتاء (خاص) والمملكة على الصعيد الإقليمي والعربي والدولي، وأضاف المفتاح "إننا نعلم أن ثمة مكونات أساسية للنظام السياسي العربي في توجهاته العامة ومركز الثقل فيها هي سورية والمملكة ومصر ، ومن خلال هذا التفاهم والتنسيق بين هذه المكونات نستطيع أن نتفاءل بالوضعية العربية بشكل عام، كما أنها تؤسس لعلاقات ايجابية مع دول الحوار الاقليمي ولا سيما تركيا وإيران، وعندما يكون الوضع العربي بهذه الصورة يصبح للكلمة العربية والموقف العربي تأثير كبير في الساحة الدولية، ويمكن القول إننا في مثل هذه الظروف الذي يفتك وتنتهك فيها المقدسات العربية والإسلامية في القدس والتي هي رمز روحي لكل الديانات فلا بد من وقفة عربية جادة، ورأى المفتاح بان الزيارة تشكل الخطوة الأساسية لبلورة موقف عربي حازم وفاعل ومؤثر في ساحة الصراع وبالتالي فهي زيارة تاريخية في توقيتها وظروفها، وتمنى المفتاح أن تكون نتائجها على مستوى هذا التحديد ، وأضاف يمكن الإشارة إلى أن سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد حريصة كل الحرص على أفضل العلاقات مع كل الدول العربية ولا سيما المملكة العربية السعودية الشقيقة ، وبين المفتاح في ختام تصريحه بان زيارة السيد الرئيس إلى المملكة خلال الأيام الماضية ومشاركته في افتتاح جامعة الملك عبد الله في جدة كانت مؤشر على حسن النية والرغبة الحقيقية في علاقة متميزة وخاصة أن مبادرة الملك عبد الله في قمة الكويت في المصالحة العربية وجدت استجابة طيبة في القيادة السورية وعلى رأسها السيد الرئيس بشار الأسد. بدوره اعتبر سماحة الدكتور إبراهيم النقشبندي عضو مجلس الإفتاء أن الزيارة تشكل بذرة طيبة لتمتين التضامن العربي في وجه التحديات التي تعصف وتواجه الأمة، ورأى سماحته بأن سورية والمملكة لهما موقعهم المميز في العالمين العربي والإسلامي وهما مدعوتان لان تكونا قدوة لبقية الدول العربية والإسلامية ومفتاح الخير للعالم اجمع، وأعرب النقشبندي عن تفاؤله بزيارة خادم الحرمين، وأضاف إننا نبني آمالا كبيرة على القائدين سيادة الرئيس بشار الأسد وأخيه خادم الحرمين الشريفين اتجاه جمع وحدة الكلمة واتخاذ التدابير اللازمة حول ما يحل بالإسلام والمسلمين. من جهته رأى رجل الأعمال السوري نبيل المظلوم بان لقاء القادة العرب وخاصة الرئيس بشار الأسد وأخيه خادم الحرمين الشريفين في ظل هذه الظروف التي تعصف بالأمة إنما تدل على حكمة الزعيمين في استقراء الواقع الحاضر بكل مكوناته واستشراف المستقبل بكل تجلياته وفي النهاية يأتي هذا اللقاء لترسيخ وتمتين العلاقة بين البلدين الشقيقين لما فيه الخير، كما تكمن أهمية اللقاء لقطع الطريق على من يحاول بث نظرية المؤامرة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها الأمة. أما عضو مجلس رجال الأعمال السوري – السعودي الدكتور رأفت الخطيب فاعتبر بان المملكة وسورية ركيزتان أساسيتان في المنطقة ولا يمكن لأحد أن يتجاوز ثقلهم في المنطقة، ولا بد للتعاون السوري السعودي في مختلف المجالات، وأكد الخطيب بان مابين هضبة نجد والشام ملحمة حب قديمة و دمشق العروبة تفتح ذراعيها اليوم شعباً وقيادة لضيف سورية الكبير الذي كان وسيبقى قلباً يفيض بالحب لسورية وقائدها وشعبها ويسعى بجهوده المخلصة إلى تعزيز هذه العلاقة القائمة على الود والمشاعر الأخوية الهادفة لبناء هرم عربي قوي. من جانبها اعتبرت صحيفة البعث السورية أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الى دمشق تبعث املاً قوياً في احياء التضامن العربي وستكون مصدر خير للامة العربية. ووصفت الصحيفة اللقاء السوري - السعودي بأنه "كان على الدوام مصدر خير عميم للامة العربية كونه احد هم اللقاءات العربية المؤهلة لتحقيق المصالحة العربية وإعادة اللحمة الى الصف العربي الممزق، كما اعتبرت البعث أن "العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين كانت دائما علاقات أخوية حارة مبنية على أسس راسخة من وحدة الانتماء القومي والمصالح المشتركة واهمية وتكامل الدور العربي والاقليمي للبلدين". وأكدت بأن القيادتين السورية والسعودية ومن خلال التعاون والتنسيق والتشاور بينهما تمكنتا من تذليل وتجاوز كل الصعوبات التي اعترضت طريق تطور العلاقات بينهما والمضي قدما نحو تعزيزها وتمتينها بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين والامة العربية جمعاء.