يحتفي أبناء المملكة هذه اليوم بالذكرى (79) لتوحيد البلاد التي تأسست وتوحدت على هدف سام وضعه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن – طيب الله ثراه – وكافح من اجله حتى تحقق ؛ ألا وهو إقامة الشريعة الإسلامية التي تستمد مبادئها من كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. وفي شهر شوال سنة 1319 ه بدأ في الجزيرة العربية مجد جديد بعد ان يسر المولى عز وجل للملك المؤسس هذا الهدف الذي جعله أساساً قامت عليه دولته الفتية منذ أيامها الأولى ومرورا بعهد أبنائه الملوك سعود، وفيصل، وخالد، وفهد رحمهم الله جميعا وحتى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.. الملك سعود وبعد وفاة الملك عبدالعزيز تمت مبايعة ابنه الأمير سعود ملكاً على البلاد في 4/3/1373ه الموافق 11/11/1953م. فالابن سار على خطى والده المؤسس، حيث اتخذ الملك سعود الشريعة الإسلامية قاعدة لدولته الفتية ونبراساً يضيء لها الطريق بين الأمم خلال (11) عاماً هي مدة حكمه للبلاد ضمن حصيلة السنوات التي قضاها في خدمة بلاده على مدى نصف قرن من الزمن. والملك سعود استمر على نهج والده في سياسة الدولة وإدارة الحكم، وبدأ يعمل على تحقيق الرفاهية للشعب من إقامة مشروعات البناء والتنمية، وتحسين الأوضاع، وعلى الصعيد السياسي دعم الملك سعود مصالح الأمة العربية وفقاً لميثاق الجامعة العربية، كما حرص على تحسين العلاقات مع بقية بلدان العالم. وظل على هذه السياسة الحكيمة طوال فترة حكمه التي امتدت من عام 1373ه الموافق 1953م حتى عام 1384ه الموافق 1964. وولد الملك سعود بن عبدالعزيز في الكويت، ليلة الثالث من شوال 1319ه الموافق 15 يناير 1902م. و وافق مولده اليوم الذي تمكن فيه والده المؤسس من فتح الرياض. الملك سعود تربى ونشأ في كنف والده كبقية إخوانه، وكان للمؤسس طريقته الخاصة في تنشئة أبنائه ، إذ كان يعدهم لبناء الأمجاد، والقيام بأصعب المهمات. وكان لهذه النشأة أثرها الفاعل في تكوين شخصية الأمير سعود وتنمية مداركه، فهو الذي شارك والده في المعارك وهو ابن الثالثة عشرة من عمره عام 1333ه الموافق 1915م في معركة (جراب). وهكذا استمر الحال في مرافقة والده في معاركه أو في اتفاقاته حتى أصدر الملك عبدالعزيز مرسومه التاريخي في 17/5/1351ه بتوحيد البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية، وبعدها تمت مبايعة الأمير سعود ولياً للعهد يوم 16/11/1352ه الموافق 11/5/1933م . وأصبح الأمير سعود الرجل الثاني في الدولة ويعمل بكل إخلاص وتفان بجوار والده، حتى تشكل مجلس الوزراء برئاسة الأمير سعود في 1/2/1373ه الموافق 9/10/1953م، وكذلك صلاحية الإشراف على جميع وزارات الدولة. لقد رسم الملك سعود ملامح سياسته الداخلية بعد ان وضع لنفسه أهدافا أربعة وطن نفسه على تحقيقها على الصعيد الداخلي في المملكة، وهي تنظيم هيكل العمل الحكومي، تنفيذ برنامج تنمية واسع يشمل ميادين النقل والزراعة والتعليم والصحة والاتصالات، بناء القوة العسكرية للبلاد، القضاء على كل ما يخالف الأنظمة في سير العمل الحكومي. وتم عدد من الإصلاحات الداخلية و المشروعات العمرانية من أهمها: • إنشاء مجلس الوزراء و إسناد رئاسته إلى الأمير" فيصل " و قد عقد أول جلسة له في الرياض يوم الأحد 2 رجب عام 1373ه / 7 مارس 1954م . • النهضة التعليمية : فقد تم تحويل مديرية المعارف إلى وزارة المعارف و عين صاحب السمو الملكي الأمير " فهد " وزيراً للمعارف، حيث قفز التعليم قفزات هائلة كبيرة. وكان من أهمّ أساسيات التعليم في عهد الملك سعود إنشاء المؤسسات التعليمية التالية؛ ومنها ما كان امتداداً للتأسيس التعليمي المعرفي في عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله. النهضة العمرانية : و هي من أوسع النهضات وأبرزها، فالمشروعات كثيرة وأهمها توسعة المسجد النبوي الذي اعتمد مشروعها في عهد الملك عبدالعزيز، ثم توسعة المسجد الحرام. -الإعلام في عهد الملك سعود: 1- إنشاء المؤسسات الصحافية الأهلية. 2- تطوير الإذاعة التي أُنشئت في عهد الملك عبد العزيز عام 1368ه وإنشاء (المديرية العامة للإذاعة) عام 1374ه. وتأسيس (إذاعة نداء الإسلام) عام 1381ه بمكةالمكرمة. 3- تأسيس التلفزيون عام 1383ه. 4- إنشاء (وزارة الإعلام) في عام 1381ه ، ثم صدر الأمر الملكي عام 1382ه بتعيين الأستاذ جميل الحجيلان وزيراً للإعلام. -وفاته: في شهر ذي الحجة عام 1388ه / فبراير 1969م توفى الملك سعود بن عبد العزيز في أثينا عاصمة اليونان، و نقل جثمانه -رحمه الله- إلى مكةالمكرمة، حيث صلى عليه في المسجد الحرام، ثم نقل إلى الرياض فدفن في مقبرة العود. الملك فيصل ولد فيصل بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - في مدينة الرياض في المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية في صفر من عام 1324ه / أبريل 1906م . وهو الابن الوحيد لوالدته التي تنتسب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، و نشأ نشأة دينية صالحة، وتلقى تعليمه الشرعي على يد جده لأمه الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ، كما تربى في مدرسة والده الملك عبد العزيز إدارياً و سياسياً و اجتماعياً، و شارك في عدد من حملات توحيد البلاد في عهد الملك عبد العزيز،وقد اعتنى والده الملك عبد العزيز بتربيته تربية عربية إسلامية، كما كان لوالدته دور في حسن توجيهه. ومنذ نعومة أظفاره أخذ الفيصل يتشرب صفات القيادة من والده الملك عبد العزيز- رحمه الله - الذي كان حريصا على تعليم ابنه - مباشرة - فنون السياسة، وأساليب التعامل بنجاح مع الناس والمواقف المختلفة، مهما تباينت صفاتهم أو حاجاتهم. وقد أثر ذلك في سلوكه - رحمه الله - فعرف بالحزم، والحلم، وحسن الإدارة، مما دفع بالملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى إسناد أدوار قيادية إليه في سن مبكرة، حيث ترأس وفد المملكة إلى مؤتمر لندن المنعقد عام 1358ه/ 1939م لمناقشة القضية الفلسطينية المعروف باسم " المائدة المستديرة " كما ترأس وفد المملكة لحضور مؤتمر الأممالمتحدة الذي عقد يوم 25 أبريل 1945م في مدينة سان فرنسيسكو بناء على الدعوة التي تلقاها الملك عبد العزيز من دول الحلفاء الكبرى لحضور هذا المؤتمر ، ووقع سموه باسم المملكة على تصريح الأممالمتحدة باسم بلاده . ثم حضر مؤتمر ميثاق هيئة الأمم الذي انتهى في 26 يونيو 1945م / 15 رجب 1364ه و وقع على الميثاق نيابة عن جلالة الملك عبد العزيز .وعند ما أسند إليه أخوه الملك سعود سلطات واسعة ومنها مراجعة وتعديل ما يحتاج إلى تعديل، صدرت عدة أنظمة منها: • نظام مجلس الوزراء الذي حل محله نظام مجلس الوزراء ذو الرقم أ / 91 و تاريخ 27/8/1412ه. • نظام الموظفين العام الذي حل محله نظام الخدمة المدنية . • الأنظمة المالية . • نظام المقاطعات. • نظام البلديات . • نظام التأديب . كما قام بإجراءات مالية و إدارية ساهمت كثيراً في استقرار الأوضاع في المملكة و خاصة المالية . وفي عهده " ملكاً " تم ضم جامعة الملك عبد العزيز الأهلية إلى الدولة و تحويل الكليات والمعاهد العلمية إلى جامعة هي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، وتحويل كلية البترول إلى جامعة البترول والمعادن.وفي عهده – الذي استمر من عام 1384 حتى 1395ه - كانت حرب العاشر من رمضان 1393ه / السادس من أكتوبر 1973م فوقفت المملكة موقفاً مشرفاً ، ليس بقطع إمداد البترول عن الدول المؤيدة لإسرائيل _ وإنما أيضاً _ بالتأييد المادي والمعنوي للدول التي دخلت الحرب مما أسهم كثيراً فيما حققته المعركة من انتصارات. -وفاته: توفى الملك فيصل يوم الثلاثاء 13 من ربيع الأول عام 1395ه الموافق 25 مارس عام1975م غفر الله له وجعله من الشهداء الأبرار . الملك خالد ولد الملك خالد بمدينة الرياض في ربيع الأول من عام 1331ه / 1913م ونشأ في كنف والده عبد العزيز فتعلم القراءة و الكتابة، وحفظ القران في طفولته، ودرس العلوم الشرعية على يد نخبة من العلماء. شارك والده وهو في سن السادسة عشرة في تثبيت دعائم الحكم وقاد عدداً من المعارك الحربية ومثَّل والده في المفاوضات والمعاهدات الدولية. وقد رأس وفد المملكة في مفاوضات الصلح مع اليمن التي انتهت لتوقيع معاهدة الطائف للسلام بين البلدين في 6 صفر 1353 ه الموافق 19 مايو 1934 م.كما تولى ولاية العهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية في عام 1384ه الموافق 1965م وهو في الثالثة والخمسين من عمره. و نودي ملكاً للمملكة العربية السعودية في عام 1395ه الموافق 1975م عقب استشهاد أخيه الملك فيصل بن عبد العزيز، وشهدت المملكة في عهده خيرات كثيرة وتضاعفت إمكاناتها في البناء والتنمية ما جعل المملكة تضاهي الكثير من الدول المتقدمة. واتصف بخلق كريم ورزانة وحضور البديهة واتسم بالمروءة الإقدام وحسن التعامل وعرف عنه التسامح والبساطة في شؤون الحياة، واتسم بالصراحة والورع والعدل والزهد. كما ترأس العديد من المؤتمرات المحلية والإقليمية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الملك خالد – رحمه الله - أحب السلام حباً كثيراً، وعمل بكل طاقته على نبذ الخلافات وتوحيد الكلمة وجمع شمل المسلمين تحت راية التوحيد والأخوة والتآلف والمحبة، وترأس عدة مؤتمرات إسلامية، ويُعد من مؤسسي مجلس التعاون الخليجي، وحضر أول مؤتمر قمة له في عام 1401ه الموافق 1981م. يتميز عهد الملك خالد – والذي استمر سبعة أعوام - بالرخاء الاقتصادي الذي أسهم في رقى النهضة الحضارية في شتى المرافق ، فشهدت النهضة التعليمية تطورا كبيرا، حيث تم افتتاح جامعتي الملك فيصل بالدمام و أم القرى بمكةالمكرمة. وفي المجال السياسي اهتم الملك خالد بعدد من القضايا على الساحة العربية و الإسلامية ، و كان من أبرزها قضية فلسطين.و كان للملك خالد أياد بيضاء في دعم المجاهدين الأفغان إبان حربهم مع السوفيات و مساعدتهم في المحافل السياسية منها و الإقليمية. -وفاته: توفى الملك خالد بن عبد العزيز بمدينة الرياض في 21 شعبان عام 1402ه / 13 يونيو1982م. الملك فهد ولد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بمدينة الرياض عام 1340ه 1921م ، وتلقى تعليمه الأولي بمدرسة الأمراء التي كان قد أنشأها والده داخل قصره لتعليم أبنائه في المرحلة الأولى ، ثم بالمعهد السعودي بمكةالمكرمة. وعندما لاحظ والده الملك عبد العزيز النباهة و النبوغ في ابنه الصغير بدأ في تدريبه على الأعمال السياسية و الإدارية، وذلك من خلال إشراكه في العديد من وفود المملكة، و منها اجتماع إنشاء هيئة الأممالمتحدة بمدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدةالأمريكية في أبريل عام 1364ه / 1945م، و ترأس وفد المملكة الرسمي المشارك في احتفالات تتويج الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا 1373ه / 1953م. و من أبرز المناصب التي تولاها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، تعيينه أول وزير للمعارف للمملكة، ثم عين وزيرا للداخلية في عام 1382ه /1962م، و نائبا لرئيس مجلس الوزراء عام 1387ه / 1967م ، بالإضافة إلى منصبه وزيرا للداخلية. وقد قدم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد العديد من الإنجازات التي تفوق الحصر على الصعيد الإسلامي، و يأتي في قمة إنجازاته الإسلامية مشروع خادم الحرمين الشريفين لعمارة الحرمين الشريفين، و توسعتهما كي يستوعب المسجد الحرام أكثر من مليون و نصف مليون مصل و الحرم المدني أكثر من مليون ومائتي ألف مصل، بالإضافة إلى حركة الإنشاء و التعمير التي شملت الأراضي المحيطة بالحرمين كي ينعم الحجاج و المعتمرون و الزوار و المصلون و الأهالي بالراحة و الأمن و الاستقرار . ولخادم الحرمين الشريفين أياد بيضاء و مواقف عربية و إسلامية نبيلة تجاه القضايا العربية و الإسلامية و تأتى في مقدمتها القضية الفلسطينية من حيث الدعم السياسي و المادي و المعنوي، و في عهده عاشت البلاد نهضة حضارية رائعة عمت جميع مرافق الحياة فقفز التعليم في عهده قفزات هائلة من حيث الكم و الكيف و ازدهرت الحركة العمرانية، و نمت النهضة الصناعية . كما شهدت المملكة في عهد الملك فهد – والذي استمر نحو 24 عاما - نهضة زراعية كبيرة إذ بذلت الدولة جهدا كبيرا لدعم وزارة الزراعة بحيث تطورت الزراعة خاصة في مجال القمح. -وفاته: في يوم الاثنين، 26جمادى الثانية، 1426 الموافق 1 أغسطس، 2005م نعى ببالغ الأسى والحزن الديوان الملكي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز .