صدر في الولاياتالمتحدةالأمريكية مع بداية هذا الشهر، حكم قضائي ضد شركة مايكروسوفت عملاق التقنية في العالم، يقضي بتغريمها 388 مليون دولار لانتهاكها براءة اختراع جهاز لمكافحة القرصنة. وجاء الحكم لصالح مجموعة يوني لوك لأن مايكروسوفت استثمرت براءة الاختراع بطريقة متعمدة وغير نظامية. عندما يصدر مثل هذا الحكم فإنه يمثل حفظ الحقوق المادية والفكرية والمعنوية للمبدعين والمفكرين الذين يعدون المحرك الرئيس للاقتصاد والتنمية في كافة المجالات، لأن استمرار الإبداع الفكري وحفظ حقوقه يضمن استمرارية العطاء والإنتاج، وإيماناً بأهمية الملكية الفكرية تم تأسيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO)، لحفظ الحقوق الفكرية والمادية والأدبية لأصحاب المؤلفات والمنتجات والسلع والمصنفات. إن التطور الصناعي والتكنولوجي والعلمي الذي حدث في الغرب لم يكن ليحدث لولا سن قوانين الملكية الفكرية التي بدأت في القرن الخامس عشر ميلادي، وازداد الاهتمام بها في منتصف القرن التاسع عشر وبلغت ذروتها في القرن الحالي، وجاءت ثمارها واضحة وجلية عندما تبارى أصحاب العقول فيما بينهم وتنافسوا في حصد براءات الاختراعات الصناعية والتجارية وتمويلها من قبل شركات استثمارية تؤمن بأهمية هذه العقول وإعطائها حقوقها كاملة غير منقوصة بل والإغداق عليها بأكثر مما تستحق لأن العائد الربحي والمادي على الشركات الممولة كبير جداً ويحقق لها أرباح خيالية. لا تزال حقوق الملكية الفكرية في العالم العربي منتهكة وضائعة، وخصوصاً في مجال صناعة البرمجيات، وهذا أحد أهم أسباب فشل هذه الصناعة في العالم العربي، لأنه عندما يطرح برنامج جيد في السوق فإنه يتم استنساخه بطرق غير نظامية تكون سبباً مباشراً في خسارة الشركة أو المُنتج لحقوقه المادية والفكرية، وعلى العكس من ذلك في الغرب فإن استنساخ أي برنامج أو استثمار براءات الاختراع دون الحصول على موافقة أصحابها يعد مخالفة كبيرة تعاقب عليها الأنظمة والقوانين، ولعل موضوعنا اليوم أبلغ دليل على ذلك، فقد عوقبت شركة مايكروسوفت بدفع مئات الملايين لأنها استثمرت براءة اختراع بطريقة غير مشروعة. * عضو مجلس الشورى