أكد مستشار قانوني في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان على أهمية الأخذ بتقنين أحكام الشريعة الإسلامية في العقوبات التعزيرية نظراً لما لوحظ من عدم المساواة، أحياناً، بين المتهمين من ناحية العقوبات التعزيرية الصادرة بحقهم، حيث يكون هناك عقوبات مختلفة مع أن الجرم المرتكب واحد، والظروف المحيطة بالقضية متشابهة! وأرجع المستشار خالد الفاخري ذلك التفاوت إلى عدم تقنين أو تدوين العقوبات التعزيرية حيث ان التقنين يؤدي لتجنب صدور أحكام متباينة ومتناقضة في القضايا التعزيرية المتشابهة ويسد الباب على المغرضين والذين يزعمون بعدم قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة العصر لافتقاد الأحكام الشرعية للعدالة في وجهة نظرهم، ويزعزع ثقة المتقاضين فيما يصدر ضدهم من أحكام، كما يؤدي التقنين لسرعة الفصل في القضايا وبالتالي القضاء على ظاهرة تراكمها بعد أن يتوافر الجهد والوقت في البحث ويسهل الوصول إلى الدليل. ويوضح الفاخري أن التقنين يؤدي أيضاً لمعرفة المواطنين أو المتقاضين لأبسط الأحكام من خلال تقنين محدد وقضاء واضح المعالم لتكون معرفتهم لحقوقهم وواجباتهم بشكل مسبق ليدركوا ما لهم وما عليهم، فتقنين الأحكام القضائية أصبح ضرورة ملحة لما يؤدي ذلك من ثقة في القضاء وتوحيد للأحكام الصادرة. وهناك أمثلة ناجحة يسوقها الفاخري لتقنين الأحكام لحظها في بعض القضايا الجنائية المقننة وفقرات محددة يذكر منها »أنظمة التزوير، الرشوة، واستغلال النفوذ« فهي محددة المخالفة والعقوبة المستحقة لها من سجن أو غرامة، أو كليهما، وللقاضي الحرية في ذلك وفق ما حدد للجرم من عقوبة ولا يزيد أو يحيد عنها، كما أن نظام المخدرات أيضا حدد المخالفة وعقوبتها ويكون للقاضي الحرية في اختيار العقوبة اللازمة التي تناسب الجرم المرتكب وحيثياته وتردع المجرم من حيث تخفيفها والنزول بها للحد الأدنى، وكما أن للقاضي تشديد العقوبة وفقا لمعطيات الجرم المرتكب ورفعها للحد الأعلى وكل ذلك محدد لا يجوز الخروج عنه.ونوّه الفاخري في الختام إلى ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة للتقنين ومواكبة العصر بما يحقق العدالة للجميع ويزيد من الثقة في التقاضي والعمل على الانتهاء من مشروع تقنين القضاء والذي أصبح أمرا في غاية الأهمية لإنهاء ظاهرة المزايدة في الأحكام واختلافها الشاسع من قضية لأخرى مع تشابه الحيثيات والظروف وعدم تناسب الحكم مع الجرم المرتكب في كثير من الأحيان، كل تلك الأمور تشكل ضرراً على المجتمع أفراداً وجماعات، ونتمنى القضاء عليها تماما من خلال هذا المشروع والذي نتمنى أن يرى النور قريبا، خاصة أن ما نطالب به اليوم من تقنين للأحكام القضائية إنما جاء امتدادا لما أمر به جلالة المغفور له الملك عبد العزيز رحمه الله من تشكيل لجنة فقهية متخصصة تتولى إصدار مجلة للأحكام الشرعية والتي تعتبر مرجعا لبعض الأحكام.