اوضح الدكتور هادي بن علي اليامي عضو مجلس هيئة حقوق الانسان نائب رئيس اللجنة الوطنية للمحامين، ان الدعوة الى تقنين أحكام الشريعة الاسلامية ليست جديدة بل استكمالا لدعوة ومطالبات سابقة بدأت منذ عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، حيث عهد - رحمه الله - الى لجنة من خيار العلماء والاختصاصيين آنذاك، عمل مجلة للأحكام الشرعية تستقي معلوماتها من كتب المذاهب الاربعة المعتبرة، وتكون مشابهة لمجلة الأحكام التي كانت الحكومة العثمانية تصدرها عام 1293ه وتختلف عنها في عدم التقيد حين الاستنباط بمذهب دون آخر، وتأخذ ما تراه مناسبا لصالح المسلمين من اقوى المذاهب حجة ودليلا من الكتاب والسنة. ثم جاء بعد ذلك عهد الملك فيصل الذي اهتم بموضوع تقنين القضاء فوجّه أمره الى هيئة كبار العلماء لمناقشته، وهو ما حظي بالتأييد والمعارضة، وصدر قرار الهيئة بمنع التقنين لعدم جوازه في رأي الغالبية، فيما رأى ستة اعضاء جواز التقنين، واضاف: “الآن هناك الكثير ممن يؤيدون تقنين القضاء أبرزهم: الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار العلماء والشيخ عبدالمحسن العبيكان الذي طالب بتشكيل لجنة على مستوى عال لصياغة الفقه إلى مواد، وقال ان القضاة يحتاجون إلى إعادة تأهيل لمعرفة ذلك. وأرجع اليامي زيادة المطالبة هذه الأيام بالتقنين لاسيما التعزيرات في القضايا الجنائية إلى منع وتجنب صدور أحكام متباينة ومتناقضة في القضايا التعزيرية المتشابهة؛ لأن ذلك يدفع المغرضين إلى الزعم بعدم قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة العصر لافتقاد الأحكام الشرعية للعدالة، كما يزعزع ثقة المتقاضين فيما يصدر ضدهم من أحكام وسد نقص خبرة بعض القضاة حديثي العهد بالقضاء، فالقضاة بشر غير معصومين من الخطأ ومن شأن التقنين أن يُسهل عملهم من خلال تقنين محدد واضح، بجانب تيسير مهمة البحث على القضاة والمحامين ودارسي الشريعة للوصول إلى الرأي الراجح دون أن يتيهوا بين الآراء الكثيرة الموجودة في كتب الفقه التي لا يعيها إلا الفقهاء المتخصصون، وسرعة الفصل في القضايا ومن ثم القضاء على ظاهرة تراكمها بعد أن يتوافر الجهد والوقت في البحث ويسهل الوصول إلى الدليل، مشيرا الى ان الاعتراض على التقنين على سند من القول انه يغلق باب الاجتهاد، فمردود عليه بأن التقنين ذاته اجتهاد وقابل للتغير والتعديل بتغيّر الظروف والمصالح، واضاف: “فهناك من القضايا الجنائية المقننة أحكامها بمواد وفقرات محددة مثل أنظمة الرشوة والتزوير واستغلال النفوذ الوظيفي التي يختص بنظرها ديوان المظالم وموضح بها المخالفة والعقوبة المقررة لها من سجن وغرامة أو أي عقوبة تبعية أخرى، وللقاضي حرية إيقاف تنفيذ العقوبة وفق ظروف يقدرها من قبيل الاجتهاد ولم ينشأ عن ذلك أي مشكلات من أي نوع”، واستطرد: “إننا في وضع استجدت فيه الكثير من التغييرات والتطورات التي تستدعي ضرورتها القصوى أن نعيد النظر في أنظمتنا القضائية؛ لتكون أكثر ضبطا ووضوحا للقاضي وللمتقاضي خصوصا مع الانفتاح العالمي الكبير الذي نعيشه، وأن يتم إعادة تأهيل القضاة وتطويرهم ومنحهم الكثير من الدورات في مجال القضاء والإدارة والتعاطي مع وسائل التقنية الحديثة”، مشيرا الى أن الضرورة أصبحت ملحة للمضيّ قدما وبتسارع تجاه تقنين أحكام الشريعة الإسلامية سيما أن هناك لجنة فقهية متخصصة بدأت بالفعل بدراسة هذا الأمر والإعداد له، إلا أنها تمشي بخطى متثاقلة.