الواسطة والمحسوبية أو كما يطلق عليها البعض فيتامين (و) أصبحت ظاهرة منتشرة وبشكل ملفت في عدد من القطاعات الحكومية والمؤسسات الأهلية سواء لطلب خدمة ما أو توظيف أو حتى موعد لعلاج في أحد المستشفيات وغير ذلك أصبحت الواسطة تدهس في طريقها أحلام وآمال الكثير من الناس. أخصائيون اجتماعيون يرون أنها قضية اجتماعية فيما يراها الرأي الشرعي أنها هدر لحقوق الغير. هذه الظاهرة ناقشتها «الرياض» من جانب كان مهماً للغاية وهو الجانب الوظيفي حيث أكد الكثير أن الواسطة أصبحت تقف حاجزا بين الشباب من أصحاب الكفاءات والمؤهلات، وبين الوظائف والمراكز التي تتناسب مع قدراتهم. أفقدتنا الثقة في البداية يقول الشاب سعيد عبدالله حسين الواسطة موجودة وبشكل كبير جدا، فهي تهدر مبدأ تكافؤ الفرص الذي يكفله القانون في الحصول على الحقوق والخدمات وتفقدنا الثقة في مسابقات التوظيف، حتى أن كثيراً من الشباب يتذمر الشروط التي تعلن عنها بعض الشركات الخاصة لتولي بعض الوظائف فيها، حيث تبدو عدم تطابقها مع المؤهلين. ويضيف حسين: الواسطة تصيب الشباب المجتهد بالإحباط فمن لا واسطة له يصعب عليه الحصول على وظيفة مهما كانت مؤهلاته حتى أصبح الشباب يطلقون عليها اسم: فيتامين (و) تذمراً وذلك لأهميتها، ويضيف: للواسطة دور خطير في انتشار البطالة بين الشباب، يجب وضع عقاب رادع كما يقول الشاب فهد محمد: إن الواسطة من الأدوات القديمة في المجتمعات العربية لتجاوز الروتين والبيروقراطية الإدارية، والشعور بعدم تكافؤ الفرص في الحصول على الخدمات والوظائف والمراكز الاجتماعية، لذلك عندما تتقدم لأي وظيفة في أي مؤسسة فإن السؤال التاريخي يواجه في البداية: هل تعرف أحدا ؟ فرغم الشروط التي تضعها الجهات الحكومية أو الأهلية للمتقدمين إليها وهي شرط الخبرة والمؤهل.. إلا أن ذلك لا يغني من الواسطة شيئا، فالواسطة تغني عن الخبرة والكفاءة ، مطالبا بوضع عقاب رادع للوسطاء ، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، فايروس خطير وعلى الصدد ذاته يقول رئيس الخدمة الاجتماعية بالصحة النفسية بأبها الأستاذ علي بن سيف أن الواسطة أصبحت قضية شائكة للغاية ومتداخلة الأطراف، فهي كفايروس خطير يضرب في جذور المجتمع وأعماقه بكل وحشية ويترتب على ظهورها عدم وجود تكافؤ في الفرص وموت الضمائر وضياع الحقوق بين الناس ، قائلا: إنها ظاهرة من اختراع الناس الذين يرفعون شعار البقاء للأقوى.ويضيف: لا بد من عمل استطلاع شامل لمعرفة رأي الناس حول هذه الظاهرة الخطيرة لأنهم هم المتضررون أولا وأخيرا من هذا الداء وهم من يدفعون فاتورة هذه الظاهرة من وقتهم ومالهم وأعصابهم ومصلحتهم وأعتقد أن الواسطة غالبا ما تتعلق بالعمل الوظيفي ومجال التوظيف والتعيين، وإن كان البعض يذكر أنها في أيامنا هذه طالت كل شيء حتى المستشفيات التي من المستحسن أن تكون في مأمن من هذه الظاهرة. الواسطة المحمودة والمذمومة وعلى الجانب الآخر من هذه القضية كان لنا أن نعرف الرأي الشرعي حيث قال الشيخ حامد آل صالح: تعرف الشفاعة على نطاق واسع بالواسطة، وتسمى أحيانا المحسوبية، وأياً كان الاسم فإن النتيجة واحدة،تعريف الواسطة نقول هي طلب العون والمساعدة في إنجاز شيء يقوم به إنسان ذو نفوذ لدى من بيده قرار العون والمساعدة على تحقيق المطلوب لإنسان لا يستطيع أن يحقق مطلوبه بجهوده الذاتية, وهناك نوعان من الواسطة: واسطة محمودة وواسطة مذمومة.فالواسطة المحمودة أن تساعد شخصاً ما للحصول على حق يستحقه أو إعفائه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو تساعده في الحصول على حق لا يلحق الضرر بالآخرين, أما الواسطة المذمومة فهي أن تقوم بهذا الدور لحصوله على حق لا يستحقه أو إعفائه من حق يجب عليه دفعه مما يلحق الضرر بالآخرين،وقد أشار إليها القرآن الكريم حيث قال عز وجل: (من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها)، سورة النساء الآية 85.وتعتبر الواسطة المذمومة أحد مظاهر الفساد الإداري، وقد انتشرت في الوقت الحاضر انتشاراً واسعاً كانتشار النار في الهشيم في عموم المؤسسات الحكومية او غيرها، لكن هناك شروطاً لابد أن تصاحب هذه الوساطة لكي تكون «شفاعة» حسنة،ومروءة محمودة، وفيها خير في الدنيا وأجر في الآخرة.وهذه الشروط هي:أولها: أن تكون شفاعة حسنة ينطبق عليها قول الله تعالى: )ومن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها). والشفاعة الحسنة كما قال المفسرون هي: «السعي لحصول غيره على الخير فيكون له من شفاعته نصيب من الثواب». ثانيها: ألا تكون شفاعة سيئة، و«الشفاعة السيئة»، قال عنها المفسرون: «إنها السعي لإيصال الشر إلى غيره فيكون للمرء نصيب من الإثم». وهي التي ينطبق عليها قول الله تعالى: «ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها». ثالثها: أن يضع طالب الشفاعة في اعتباره وقبل أن يطلب الشفاعة، عدم وضع الشافع في موقف حرج يؤدي إلى مخالفة نظام أو سلب حق بل يشعره انه إنما يطلب منه المساعدة في حدود ما يقدر عليه.رابعها: كما يحسن بالإنسان أن يقدم الشفاعة بطيب نفس..وسعادة قلب لأن ذلك أولى بتحقيق المطلوب.وأدعى لارتياح المشفوع له.. مختتما الحديث بقوله إن الشفاعة السيئة هي الوساطة لدفع الحق ورده أو السعي في حصول الباطل أو إقراره.. ومن أمثلتها قول النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة رضي الله عنه: أتشفع في حدّ من حدود الله؟. متفق عليه.