ظل تجار المخدرات والكلاب الضالة والمباني المتداعية المغطاة بلوحات إعلانية بالية علامة مميزة لميدان «أومونيا» كأقذر منطقة في العاصمة اليونانية لفترة طويلة. لكن أثينا وهي واحدة من أقدم مدن أوروبا طالتها يد التغيير خلال الشهور القليلة الماضية مع استضافتها لدورة الالعاب الاولمبية لعام 2004. فقد أزيلت اللوحات الاعلانية وأعيد ترميم وتجديد واجهات المباني لتستعيد رواءها القديم وجرى تحويل مسار المرور للسماح بتخصيص شوارع للمشاة عبر المناطق القديمة ذات الطابع الاثري. كما أعيد تجديد شبكة الطرق والمواصلات العامة والفنادق في أثينا لاستضافة عشرات الالاف من المسئولين والرياضيين والصحفيين والسياح خلال الدورة الاولمبية. وبينما سارع المسئولون اليونانيون للانتهاء من أعمال التجديد والتجميل قبيل انطلاق الاولمبياد فإنهم كانوا واثقين من الالعاب ستكون شفاء لكل أوجاع المدينة. وقال المتحدث باسم بلدية أثينا دميتريس كاتسوداس «كان هدفنا الرئيسي هو سيناريو اليوم التالي .. نعتقد أن الدورة الاولمبية خلفت إرثا دائما في أثينا ولا يتعلق هذا الارث بتنفيذ مشروعات كبيرة فحسب ولكن بتحسين مستوى المعيشة». وشجعت السلطات سكان أثينا الذين اشتهروا بإلقاء القمامة من شرفات شققهم على المشاركة في حملة للحفاظ على نظافة المدينة أثناء الاولمبياد. وفرضت السلطات غرامات فورية على من يلقي القمامة في الشوارع في حملة على النمط السنغافوري. ويبدو أن الحملة التي رفعت شعار «هل أنت لاعب في الفريق؟» آتت ثمارها حتى بعد انتهاء الالعاب حيث تبدو الارصفة والحدائق العامة ومحطات المترو في المدينة والميادين نظيفة. وقالت ماريا انجيلوبولو وهي سكرتيرة في دار نشر «لقد أصبحت المدينة أنظف بكثير. لا يمكن للمرء أن يتوقع أن يتمسك سكان أثينا بسلوكهم القويم طوال الوقت لكن الوضع أفضل كثيرا من ذي قبل». ويبدو أيضا أن مسلك سائقي سيارات الاجرة الذين كانوا معروفين بفظاظتهم قد تغير أيضا بعد أن أجبرتهم الحكومة على الالتحاق بدورات في أصول التعامل مع الزبائن لينالوا شرف نقل مسئولي الاولمبياد وكبار الشخصيات. وبينما مازال العدد الاكبر من سائقي الاجرة في أثينا يخالفون قوانين المرور من آن لاخر فإنهم يبتسمون الان على الاقل عندما يرفضون توصيل زبائن إلى وجهات لا تروق لهم. كما أجبرت الالعاب الاولمبية بلدية أثينا التي يقطنها أربعة ملايين نسمة على تجهيز الطرق والارصفة والحدائق ووسائل النقل العام بوسائل مساعدة للاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وكذلك على حل مشكلة آلاف الكلاب الضالة في المدينة. وتعاونت بلدية أثينا مع جماعات الرفق بالحيوان في جمع مئات الكلاب قبل الالعاب ثم تعقيمها وتطعيمها وعرض أكبر عدد ممكن منها على عائلات لاقتنائها. وتقول ليانا ألكسندري من الجمعية الهيلينية للرفق بالحيوان «استمتعنا بالالعاب والكلاب لا تزال في الشوارع». وتضيف «إذا لم نعثر على منزل من خلال برنامج التبني، كنا نعيد الحيوانات إلى المكان الذي عثرنا عليها فيه». وطالت يد التحديث أيضا المستشفيات وقوة الشرطة في أثينا حيث عززت الشرطة صفوفها بأكثر من 600 ضابط إضافي لتعزيز تأمين الحدائق والمدارس وكذلك للاستجابة لمكالمات الطوارئ من جانب المواطنين. وتجلت ثمار تدريب قوات الامن على إحباط هجوم إرهابي محتمل أثناء الاولمبياد مؤخرا عندما تمكنت شرطة أثينا من إنهاء عملية احتجاز رهائن على متن حافلة بسلام واستسلام المسلح. وفي معرض تعليقه على العملية الناجحة التي استغرقت 18 ساعة بمشاركة عدد غير مسبوق من قوات الامن وانتهت بتحرير ركاب الحافلة الثلاثة والعشرين، قال وزير النظام العام اليوناني جورج فولغاراكيس إن مبلغ المليار يورو الذي أنفقته الحكومة على الالعاب أنفق في موضعه. وأضاف الوزير «لم تذهب خبرة الاولمبياد سدى وأنا فخور جدا بأن الشرطة اليونانية وكل السلطات التي شاركت في الازمة (احتجاز الرهائن) تصرفت بحرفية وكفاءة». وقال إن من حق قوات الامن اليونانية أن تفتخر بنفسها وأن تعتبر نفسها واحدة من أفضل قوات الامن في العالم استعدادا للتعامل مع مثل هذه الاحداث. يذكر أن اليونان أنفقت على تأمين أول دورة أولمبية صيفية منذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001 في الولاياتالمتحدة مبلغا يفوق ما أنفق على تأمين أي دورة أولمبية في التاريخ.