يترقرق الجمال الصامت في الروح حينما تحتسي كأس الطبيعة المسترخية على حرير الكون بمقلتيك، ويجري السكر المنعش في الشعور حينما تلتحف بخرير الماء الذي ينشد، وحفيف الأشجار الذي يهمس، وألحان الطيور التي تترنم من حولك، آه.. ما أجمل أن تذوب في الجمال حتى تغيب، وأن تغرق في الحسن ولا تفيق، وما ألذ أن تهبط بخيالك في مسارح بهية مذهلة، تتنعم بها وتطرب.. مسارح.. قد تألقت بالروعة التي نامت على نسماتها، وتبخترت بالرونق الذي عانق مساحاتها، تلوذ بها فترى الأنس يرذرذ فوق رأسك.. وتهرب إليها فترى الهم يحترق عند كأسك. روابي الحسن تغريني فأهديها وتهديني إذا تكدست الكآبة، واحتشدت الهموم في داخلك، فأهرع إلى رابية خضراء تتلألأ بالزهور الزاهية، تحتضن ماء رقراقاً يسيل على صدرها، وطيوراً تتناغم في سمائها، ونسيما يرفل على أرضها، وأنخ ركابك على بساطها الملون، وأنسل لنفسك وقتاً تقذف فيه كآبتك، وترمي عليه همومك حتى تتلاشى، ثم استقبل الجمال الذي يغسل شعورك... ويجدد حواسك، ويفرغ فكرك وعقلك من كل أرق يجول فيهم! دع ما سمعت وخذ شيئاً ظفرت به في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل