يستقبل الناس شهر رمضان في منطقة جازان ومحافظاتها بالبشر والسعادة والترحاب وكانوا يستعدون لاستقباله منذ فترة طويلة من قدومه وتتنوع التقاليد والعادات الرمضانية في محافظات المنطقة. ويسر "الخزامى" أن تعرفك عزيزي القارئ على بعض ملامح وتقاليد استقبال شهر الخير والبركة في محافظة صبيا التي تعتبر من أكبر محافظات المنطقة وتتنوع ما بين السهل والبحر والجبل حيث تتبارى الأسر وتتنافس في إعداد الوسائل المناسبة التي تليق بقدوم سيد الشهور وكانت تلك الاستعدادات تبدأ من غرة شهر رجب حيث تقوم النساء بطلاء المنازل بالبوية والنورة البيضاء وتجديد القعايد وهي الكراسي الخشبية الشعبية وتجديد حبالها وتجديد الفرش والوسائد المصنوعة من القماش وليف النخل وتبخير المنازل وتعطيرها ببخور الجاوي واللبِّان والمستكة والمعسل وتجهيز المنازل والحرص على نظافتها وتعبق روائح الفل والكادي في تلك المنازل كما يتم تجهيز المساجد وإنارتها بالفوانيس القوية ولمبات الأتاريك المضيئة في ذلك الزمن الجميل وقبل ظهور الكهرباء وتصدح المنازل بالأهازيج التي تعبر عن فرحة كافة أبناء المجتمع في محافظة صبيا مدينة الفل والكادي كما يطلق عليها أهلها. ومن الأهازيج الشعبية التي يرددها الناس هناك هذه الأهزوجة الشعبية الجميلة التي يودعون بها شعبان ويستقبلون بها شهر الخير والغفران رمضان المبارك وهي للشاعر الشعبي أبكر عقيلي رحمه الله وقد ذكرها المؤرخ والأديب الأستاذ إبراهيم مفتاح في كتابه "فرسان - الناس - البحر والتاريخ". تقول الأهزوجة وهي طويلة نختار لك عزيزي القارئ جزءاً منها: هلَّيت يا شهر الهنا والتسالي وارى الصبيا كلهم يلعبون لك غَنُّوا على شانك وسهروا الليالي من قبل ما يجي رجَبء يحسبون لك ويحضروا لك لبس من كل غالي ومن كل حارة قاتية يعتنون لك يرشرشون الطيب فوق الدِّلال وقبل ياجى موعدك يعكرون لك جارة مع جارة تنادي تعالي ويفرحون يا شهر لا عاد حلَّك ويرد شاعر شعبي آخر على شعبي آخر على هذه الأهزوجة الشعبية الجميلة معاتباً أبناء المجتمع عن ترك عاداتهم الأصيلة وتقاليدهم الجميلة في هذا الشهر الكريم فيقول: راحوا الذي من أجل رمضان يغنون ويحيي لهم سفرته كل غايب ولاسرى بدره مع اللعب يسرون من مطلعه حتى يميل للمغايب عيب يا بنات عاداتكم لو تردون ترجع ليالينا بها الأنس طايب فين الخضاب وأقدامكم يوم تحنون وروايح اللطياب وسط المطايب وللأطفال كذلك أهازيجهم الجميلة والبريئة في استقبال هذا الشهر الكريم حيث يخرجون في أول ليلة من ليالي هذا الشهر الكريم وقد ارتدوا جميل ملابسهم الشعبية الملونة والمزخرفة حاملين في أيديهم الصغيرة "المشاري" وهي الزنابيل الصغيرة المصنوعة من خزف النخل مرددين تلك الأهازيج والفرحة تغمرهم والسعادة تحيط بهم مرددين: رمضان - جانا - ما نهَبء له نهَبء له دجاجة تلعب لُهء وقولهم: يا حَّنان.. يا منَّان ياذا الجود والإحسان اجعلنا من عتقاء شهر الصيام