لرمضان في منطقة جازان ذكريات رائعة وجميلة خصوصاً لدى كبار السن الذين عاصروا العادات والتقاليد الشعبية القديمة في ذلك الوقت من الزمن أي قبل أكثر من نصف قرن تقريباً. وقد التقت «الخزامى» بأحد أبرز المهتمين بالتراث الشعبي في منطقة جازان المسن أحمد الطرشي والذي يعمل في معصرة السمسم ليحدثنا عن رمضان قديماً من خلال ما يحتفظون به في الذاكرة الشعبية عن العادات الرمضانية القديمة والعادات والتقاليد الأصيلة وكذا أهازيج الأطفال الجميلة التي يرددونها في أمسيات هذا الشهر الفضيل وكذا الأكلات الشعبية التي لها نكهة خاصة وارتبطت برمضان ارتباطاً وثيقاً رغم غزو الكثير من الأكلات الرمضانية الحديثة وأنواع المعجنات والفطائر والعصائر المبردة التي لم يكن يعرفها الناس في ذلك الوقت من الزمان ويحدثنا العم أحمد الطرشي والبالغ من العمر قرابة الثمانين سنة وهو من المهتمين بالتراث الشعبي الأصيل في المنطقة عن أنواع الوجبات الرمضانية الشهيرة والقديمة في جازان ومحافظاتها وطرق صناعتها والتي اندثر بعضها بفعل دخول المدينة الحديثة فيقول: «لقد أرجعني حديث الذكريات الى الوراء لنصف قرن من الزمن ويتم في ذلك الوقت تجهيز الأكلات الشعبية الرمضانية القديمة التي لم يعرفها الناس إلا مع قدوم شهر الخيرات والبركات. ومن وسائل إعداد الأكلات الرمضانية الشعبية الشهيرة المغش وهو عبارة عن إناء حجري اسطواني الشكل مصنوع من الفخار ويتم وضع اللحم والخضار في وسطه ثم يوضع في (المنعا) أو التنور الفخاري لعدة ساعات ويقدم عادة على وجبة الافطار أو السحور كل حسب ذوقه وامكانياته المتواضعة في ذلك الوقت من الزمن وحلوى المشبك الشعبية كانت تتوفر في كافة المنازل وتتربع موائد الإفطار ولا يستغني عنها الصائم الفقير والغني ويحبها الأطفال ويطيل عليها بشكل كبير ويحرصون على شرائها وحملها في زنابيل صغيرة مصنوعة من خزف النخيل المسمى «الطغي» ويتجولون بين المنازل والحارات مرددين الاهازيج الشعبية الجميلة كقولهم: يا حنان - يا منان - ياذا الجود والإحسان - واجعلنا من عتقاء شهر الصيام وكقولهم في اهازيجهم البريئة تفطروا يا صايمينا برضى رب العالمينا وبارمضان شك ملاعقك يا رمضان والعيد لاحقك ويبين العم احمد أن هناك بعض الأهازيج الشعبية التي كان البائعون يرددونها للترويج لبضائعهم فيقول: لقد كان لعصير السمسم نكهة خاصة ويقبل عليه الجميع صغارا وكبارا كغذاء ودواء ومازلت أتذكر بعض الاهازيج الجميلة لأصحاب معاصر السمسم ومنهم «الجولجي» وهو احد اشهر العصارين وبائعي «السليط» ومن أهازيجهم الشعبية قولهم: السليط المسلط دواء لكل علة ونافع لكل بله من يذوقه مرة ما يكبه مرة ومعنى هذه الأهزوجة الشعبية هي الترويج لمادة عصير السمسم وانها دواء لكل مرض ومن يأكله مرة لا يتركه أبدا ولا يستطيع الاستغناء عنه بتاتا ويستخدم عصير السمسم او السليط لغلي السمك البلدي كالطادة والضيران والباغة والشعور ويستخدم لمزجه مع المفتوت الحامض أو الغربة أو الملبخ والزومة وحرق الهوى وهي أكلات شعبية قد انقرض بعضها خصوصا في المدن الكبيرة.