لم أقدم سوى أدوار ثانوية في عدد من الأفلام مثل فيلم المخرج سيدني لوميت والممثل آل باتشينو (سيربيكو) عام 1973، ومع الممثلين روبيرت ريدفورد وداستن هوفمان في (كل رجال الرئيس)، وربما كان أهمها لاحقاً فيلم (سكارفيس) مع باتشينو مرة أخرى والمخرج برايان ديبالما وقدمت فيه دور مروج مخدرات وضيع. لكن العام 1984م سيبقى في ذاكرتي بسبب فيلم واحد.. (آماديوس)، وربما بسبب ما نتج عن فوزي فيه. عندما عرض علي أن ألعب دور المؤلف الموسيقي (أنتونيو سالييري) والذي عاصر الموسيقار العبقري (موزارت) والغيرة الشديدة التي حملها ضده في فيلم آماديوس للمخرج ميلوش فورمان وافقت بلا تردد، جميع كبار ممثلي هوليوود كانت يطمعون بالدور لكن المخرج أراد ممثلاً غير مشهور فكان أنا. عندما عرض الفيلم احتفى به النقاد أيما احتفاء وكان أدائي فيه لا ينسى كما قالوا، فتوالت الجوائز لي كأفضل ممثل من الأوسكار والجولدن جلوب ودائرة النقاد في كنساس ولوس آنجلس وترشحت للبافتا البريطانية، باختصار كان حلمي يتحقق أمام عيني. بعد أماديوس توقع النقاد والمتابعون بأن أكون أحد فرسان التمثيل في هوليوود، لكن هذا لم يحصل. الذي حدث هو أنني ركزت جل اهتمامي على المسرح ثم شاركت في أفلام متواضعة الإنتاج وظهرت في عدد من الأفلام الشكسبيرية (المعتمدة على روايات شكسبير)، ولازلت حتى اليوم أظهر في عدد من الأدوار الثانوية هنا وهناك. استغرب الجميع عن سر عدم نجاحي بعد الأوسكار، وأخذوا يحاولون تحليل الأمر فلم يعرفوا جواباً بل إن كثيراً من النقاد أخذوا يضربون ما حصل لي مثالاً على ما يسمى "نحس الأوسكار"، بينما بعضهم الآخر كالناقد ليونارد مالتن أطلق اسم "متلازمة إف موري أبراهام" كوصف طبي بلاغي لما قد يحصل للممثلين الذين لا ينجحون بعد فوزهم بأهم الجوائز!. ربما يظن بعضكم بأن أصلي العربي (أبي من المسيحيين السوريين الذين هاجروا للولايات المتحدة في عشرينيات القرن الماضي) قد يكون حائلاً بيني وبين مشاريع الأفلام الكبرى بهوليوود. لا أعلم، ربما اضطررت لتغيير اسمي من (فريد) إلى مختصره (إف) من أجل ذلك في بداياتي، لكني أشك في أن يكون ذلك هو التفسير لما حصل. صحيح أنني رغم فوزي بالأوسكار وتقديمي لأحد أفضل أداءات التمثيل في تاريخ السينما لازلت أركب مترو الأنفاق بنيويورك دون أن يتعرف علي الجمهور ولا أجد في ذلك شيئاً محبطاً بل على العكس أراه أمراً لطيفاً. أما بخصوص ما يقوله الناس حول "لعنة الأوسكار" فسأكرر لكم ما قلته في أحد المقابلات: "فوزي بالأوسكار كان ولا يزال أهم لحظة بحياتي، لقد دعيت لموائد الملوك، ورافقت من أعدهم رموزاً لي، وقدمت المحاضرات في أعرق الجامعات كهارفارد وكولومبيا. إذا كانت هذه تسمى لعنة، سيسعدني أن أحظى بثانية". إف موري أبراهام - ممثل أمريكي من أصل عربي