هل زيادة انتاج بترول ارامكو هو الحل الصحيح لمشكلة زيادة طلب (ومن ثم زيادة أسعار) البترول؟ الجواب: لا ليس هو الحل. - بل العكس - زيادة انتاج بترول ارامكو يؤدي إلى تفاقم المشكلة - ليس لأنه يستنزف بترول المملكة فقط - بل أيضا: يضر اقتصاد جميع بلاد العالم. لماذا؟ الجواب: لأن كمية بترول المملكة - سواء صغر أم كبر حجم الاحتياطي - فلن يمض سوى سنوات معدودة (يقل عددها كلما زاد الانتاج) ومن ثم يبدأ انتاج البترول - قسريا - في الانخفاض وبالتالي لن يجد العالم دولة منتجة للبترول تضخي - كما تضحي المملكة - وترضى أن تتحمل تكاليف الاحتفاظ بطاقة احتياطية فائضة (مابين: 1.5- 2.0مليون برميل في اليوم) جاهزة لتلبية الطلب في حالات الطوارئ (سواء طبيعية أو سياسية أو حروبا). هكذا يجب أن يفهم ويعترف العالم بأسره بفضل المملكة ودورها النبيل في انكار الذات (وتقديم نصيب أجيالها القادمة قربانا للعالم). لا أحد يستطيع أن ينكر أن الاحتفاظ بطاقة انتاجية فائضة باستمرار ليست فقط تكلف ارامكو البلايين (سمي ماشئت من العملات) بل ايضا تضر الآبار وقد تؤدي إلى خفض الكمية الكلية التي يمكن استخراجها من تحت الأرض. كما لا يستطيع احد ان ينكر ان الطاقة الانتاجية الفائضة التي تحتفظ بها ارامكو الآن هي بمثابة احتياطي بترول استراتيجي لجميع العالم. جميع احتياطيات حكومات العالم المسماة: احتياطي البترول الاستراتيجي هي مجرد مخزون اصطناعي لا يمكن أن يلعب جزءا صغيرا من الدور الذي تلعبه طاقة انتاج ارامكو الفائضة في استقرار اسواق البترول. يجب أن نعرف - ومن ثم يعرف العالم - معنى كلمة مورد ناضب (كل من يطالب المملكة بزيادة الانتاج اسمحوا لي ان اقول انه لم يستوعب معنى كلمة النضوب). أليست الحكمة الشعبية التي ورثناها ابا عن جد تقول: خد من التل يختل؟ ما هو الحل اذن لمشكلة نقص عرض البترول وعجزه عن تلبية الطلب المتزايد وارتفاع الاسعار؟ اولا من قال: ان سعر البترول مرتفع؟ (أليس انخفاض سعر البترول هو الذي يدفع العالم إلى ترك البدائل والتحول إلى طلب البترول) ؟ وثانيا الحل بالتأكيد ليس هو زيادة الانتاج وانما الحل هو كالتالي: اولا: ترشيد الاستهلاك: انخفاض سعر البترول الآن مقارنة بانتاجيته الحدية لا يشجع المستهلكين على الترشيد ويغري العالم إلى التوسع في استهلاك البترول بشراهة ولا بد اما زيادة سعر الخام حتى يتساوى السعر مع الانتاجية الحدية للبرميل أو لا مفر من فرض ضرائب على استهلاك البترول (نعم الحل البديل لعدم رفع السعر هو فرض الضرائب) كي يمكن سد الفجوة بين السعر المنخفض والانتاجية الحدية العالية للبرميل (أي: يجب تحقيق شرط التوازن للسوق الحر لعوامل الانتاج - كالبترول - كما درسناه في جميع كتب مبادئ الاقتصاد). ثانيا: عدم احراج دول الخليج: يجب على الدول الكبرى عدم مطالبة وبالتالي احراج (أو محاولة الضغط على) دول الخليج بزيادة انتاج بترولها لأن هذا يؤدي إلى نضوب بترول دول الخليج - وفقدها مصدر رزقها الوحيد - من غير أن يستفيد العالم الا تأجيل المشكلة سنوات معدودة تكبر خلالها المشكلة ككرة الثلج المتدحرجة من اعلى قمة جبل الجليد إلى السفح وبالتالي تستفحل المشكلة ويستعصي وجود الحل. ثالثا: استخدام بدائل البترول: يجب التنقيب والتوسع في استخراج بترول المناطق الأخرى والاستفادة من البترول غير التقليدي (سواء: في امريكا أو كندا أو حوض اورينكو أو حتى تسييل الفحم) وكذلك يجب تطوير تكنولوجيا استخدام مصادر الطاقة البديلة بجميع انواعها (سواء: الشمسية أو الرياح أو حتى النووية اذا كان لا مفر من ذلك) فالذهب الأسود - الذي حبى الله به دول الخليج كعوض عن مصادر العيش الأخرى - أغلى من ان يبدده الإنسان في قضاء نزهته كوقود للسيارات. @ رئيس مركز اقتصاديات البترول "مركز غير هادف للربح"