جميع دول الخليج المنتجة للبترول من إيران والعراق والمملكة إلى قطر كلها لديها جواب واحد هو أن آخر برميل خام في العالم سيكون استخراجه من باطن أراضيها.. السؤال هو هل سينضب البترول في يوم ما فيجد العالم نفسه بلا بترول؟ وهل يوجد شيء اسمه البرميل الأخير؟ ومن أي أرض سيخرج؟ أنا لن أجاوب الآن على هذا السؤال من الناحية الجيولوجية فأقول ان كمية البترول تحت الأرض مقدارها كذا وأنها موزعة بين دول العالم بمقدار احتياطي كذا وأن معدل إنتاج كل دولة كذا.. ثم افعل كما تفعل شركة البترول البريطانية في نشرتها في منتصف كل عام وأقسّم الاحتياطي على معدل الإنتاج وأقول ان بترول الدولة (س) سينتهي بعد عشرين عاماً والدولة (ص) سينتهي بترولها بعد أربعين عاماً وهكذا أقدم جدولاً بأعمار بترول بقية الدول في العالم. أنا لست جيولوجياً ولا فيزيائياً.. أنا اقتصادي ولذا سأناقش الآن الموضوع من الناحية الاقتصادية فقط. النظرية الأولى للموارد الناضبة التي درستها في علم الاقتصاد تقول: إذا كان الاقتصاد حراً أي لا يوجد تدخلات في السوق فإنه كلما زادت ندرة المورد الناضب تصاعدت أسعاره بشكل لا نهائى لكي تكبح جماح الطلب الشره وبالتالي لن ينضب البترول من تحت الأرض إلى يوم القيامة. النظرية الثانية للموارد الناضبة التي درستها في علم الاقتصاد (هي أشبه بالتوصية منها للنظرية) تقول: يجب أن لا يبدأ استخراج البترول في الدول ذات تكاليف الإنتاج العالية إلا بعد نضوب البترول في الدول ذات تكاليف الإنتاج الرخيصة.. هذه النظرية أو التوصية لو تم تطبيقها في الواقع فإن أول الدول التي سينضب بترولها هي دول الخليج لأن تكاليف استخراج البترول من أراضيها أرخص من تكاليف استخراجه في الدول الأخرى وسيضيع شعار البرميل الأخير في مهب الريح. الخلاصة: نحن الآن أصبح أمامنا نظريتان.. النظرية الأولى تقول لنا ان البترول لن ينضب لأن ارتفاع السعر سيكون بمثابة صمام الأمان الذي يضمن للبترول السعر الذي يستحقه في السوق الحر على مدى مر الزمن.. أما النظرية الثانية فهي لا تتناقض مع النظرية الأولى من حيث عدم نضوب البترول ولكنها فقط توصي بالتدخل في السوق حتى ينضب البترول الرخيص ثم يبدأ البترول عالي تكاليف الإنتاج وتتصاعد الأسعار دون أن يلاقي منافسة من بترول الدول ذات تكاليف الإنتاج الرخيص. هل يا ترى لم تسمع أرامكو بإحدى أو كلتا هاتين النظريتين أو أنها سمعت بهما ولكنها تعتبرهما مجرد كلام نظري من تخاريف علم الاقتصاد لا مكان له في علم الجيولوجيا؟ أريد أن أختم بدعاء.. بصراحة لأن قلبي يقفز من مكانه كلما اسمع أن أرامكو تخطط لزيادة الإنتاج إلى خمسة عشر مليون برميل أرفع يدي إلى السماء وأدعو الله قائلاً: اللهم لا تجعل اللجنة العليا لشؤون البترول توافق على طلب أرامكو زيادة الإنتاج. @ رئيس مركز اقتصاديات البترول "مركز غير هادف للربح"