حققت وزارة الداخلية نجاحاً باهراً ومدروساً وسريعاً (مقارنة بغيرها) فيما يخص استخدام تطبيقات الحاسب الآلي في تسهيل وتسريع إجراءات العمل، وكانت هذه الوزارة السباقة لتحويل جميع المعاملات من اليدوية إلى الآلية بنسبة تفوق (90%) في زمن قياسي مقارنة بجهات حكومية أخرى لا تزال تعتمد على أطنان من الورق لإتمام إجراء لا يقارن بحساسية وخطورة ما تتعامل معه وزارة الداخلية. هذا الإنجاز لم يكن سهلاً على رجالات الداخلية، ولم يعتمد على الآلة في بداياته فقد أسس على قاعدة معلومات استغرق بناؤها عشرات السنين واستنزف جهداً وسكب عرقاً وقبل هذا وذاك استحضر ذهناً واعياً وعقلية طموحة تتقبل التطوير والميكنة. من كان يراجع دهاليز إدارة الجوازات في شارع الوشم منذ 30سنة، حيث حوّل تجريب الأختام طاولات المكاتب إلى جسد تغطيه الأوشام ويستغرق استخراج الجواز أكثر من شهر يدرك جيداً حجم العمل الذي جعل الجواز يخرج خلال نصف ساعة بعد تعبئة نموذج مسؤولية وحسب، واستخراج بطاقة الأحوال شاملة المعلومات لا يحتاج لأكثر من زيارة فرع لربع ساعة، وخروج رخصة القيادة ساخنة من الجهاز ينافس في سرعته زمن تسخين شطيرة في (الميكروويف). قد يقول قائل : إن الزمن والتقنية هما من تغيرا، وهنا يكمن الهدف من هذا الثناء الذي لم أتعوده، لأن الزمن هو الزمن والتقنية هي التقنية لكن تعامل الوزارات معها يختلف تماماً، بل إن بعض الوزارات أصبحت عالة على الأخرى في تطبيق التعاملات الإلكترونية والحكومة الإلكترونية. إدارة الجوازات، على سبيل المثال، سجلت أرقاماً قياسية في سرعة الإنجاز والتسهيل على المراجعين ونبذ المعوقات البيروقراطية التي تعيق سير العمل الحضاري حتى إن طموحها الإلكتروني وصل حد استخراج تأشيرة الخروج والعودة أو الخروج النهائي من المنزل عن طريق الإنترنت، بل إعطاء اسم مستخدم وكلمة مرور لرب الأسرة تجعله يخول من يشاء لإنهاء معاملاته عبر النت، واجزم أن طموح الجوازات في هذا الصدد لا يقف عند حد، لكن مشكلة التطبيقات الإلكترونية أو الحكومة الإلكترونية أنها لا تستطيع السير عرجاء، بمعنى أن جهة طموحة مثل الجوازات لا تستطيع السير بنفس السرعة ما لم تواكبها الجهات الأخرى المرتبطة معها بمتطلبات، فمثلاً وزارة العمل لا تملك قاعدة معلومات ولا تملك حساً إلكترونياً يجعلها ترتبط بالجوازات إلكترونياً لذا فإنها تطالب الجوازات بعدم تجديد إقامة من لم يحصل على رخصة عمل بموجب خطاب (أي ورقة مختومة ومصدقة وما إلى طابع العمل البيروقراطي من عقد) وهذا بالتأكيد سيعيق رغبة الجوازات في القفز أو حتى مجرد السير. نفس الشيء ينطبق على الصحة عندما تطالب الجوازات بعدم منح تأشيرة سفر أو إقامة لعامل في الصحة دون (ما يفيد) باجتيازه فحصاً ما أو عدم ارتكابه خطأً طبياً (أي أوراق لا يحبذها الإلكترون)، وفي ذات الوقت فإن وزارة الصحة لا تملك القدرة على الارتباط الإلكتروني مع الجوازات. وتفاوُت طموح وبُعد نظر الجهات المختلفة يشكل عرجاً في تطبيقات الحاسب الآلي تعاني منه الجهة الأكثر وعياً وطموحاً.