منتدى المحتوى المحلي يختتم أعمال اليوم الثاني بتوقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج    اعتماد معاهدة الرياض لقانون التصاميم    «الصحة الفلسطينية» : جميع مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل    المملكة توزع 530 قسيمة شرائية في عدة مناطق بجمهورية لبنان    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    فعل لا رد فعل    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    ترمب المنتصر الكبير    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. الهليل: لكل حوار ضوابطه حتى لا يتحول إلى مهاترات
فعاليات المؤتمر تتواصل في يومه الثاني ضمن محور الحوار وضوابطه
نشر في الرياض يوم 06 - 06 - 2008

عقدت صباح أمس الخميس الجلسة الثانية من فعاليات المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، وكان المحور الثاني: منهج الحوار وضوابطه، وترأس الجلسة فضيلة الشيخ محمد علي تسخيري، الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، حيث قرأ فضيلة الدكتور أحمد محمد هليل، قاضي القضاة وإمام الحضرة الهاشمية في المملكة الأردنية الهاشمية، آليات الحوار.
كما قرأ الدكتور ماجد بن محمد الماجد الأستاذ بكلية الآداب بجامعة الملك سعود آداب الحوار وضوابطه، وقرأ الدكتور منقذ بن محمود السقار الباحث في إدارة الدراسات والأبحاث برابطة العالم الإسلامي: إشكاليات الحوار ومحظوراته.
ففي البداية تحدّث الدكتور أحمد محمد هليل عن آليات الحوار حيث خلص إلى أن ضوابط الحوار إنما تقوم على أصول رسخها سلفنا من علماء ضربوا أروع الأمثلة للحوار الناجح في تمحيص الآراء المتباينة وتجلية الإشكالات المتوقعة دون تحول الحوار إلى مهاترات يضيع معها الود لتحل محله الجفوة والقطيعة. وبما أن لكل حوار ضوابطه، فضلاً عن كونها آداباً وأخلاقاً هي جزء رئيسي ومؤثر في فعالية أي عمل يبنى على الحوار.
وقد لخص أهم ضوابط الحوار في عدّة نقاط معضدا هذه النقاط بالأدلة من الكتاب والسنة وهي: الإنصات والاستماع: ويقصد به الحوار فن السماع للآخر وعدم الرغبة في الكلام بدلاً منه. تجريد الأفكار: هو الاستفادة من الأفكار وليس تدمير الأشخاص، ولذلك لابد من فض الاشتباكات الفكرية دون التعرض السلبي للأشخاص بتشويه أو تجهيل، فلا خلاف مطلقاً بين أشخاص المتحاورين وإنما بين أفكارهم، إذ أن الفكرة الحسنة تُمتدح بغض النظر عن قائلها، والفكرة الخطأ تراجع دون تسفيه قائلها أو التهكم منه. وترك المراء: فالمراء يغلق باب الحوار ويلغيه لأنه يدفع طرفي الحوار إلى التصور الخاطئ، وهنا يضيع الحق والوقت والجهد في غير فائدة ويوغر الصدور ويكرس الفرقة فقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم تارك المراء ببيت في الجنة.. قال صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) أخرجه أبو داود وابن ماجة والنسائي.وتفاخر لا تنافر: فالحوار جلسة تناصح وتفاخر ولون من التشاور، فمع قبول رأي الآخر أو رفضه تبقى طهارة القلب وصفاء السريرة نحوه مع قبول معذرته والتفاخر عن خطئه إن وقع. والصدق والوضوح: حيث يعرّف الصدق بأنه خلق نبيل لا خيار للمسلم في التحلي به والوضوح في الفكرة هو وسيلة قبولها من الطرف الآخر كما أن الوضوح في المواقف له أكبر الأثر في تصفية القلوب وإعادة الود. العلم والعدل: الحوار لا يستقيم بدون العلم، بل في غيابه يصبح ضرر الحوار أكثر من نفعه. والتحاور العملي: إذا بعد الحوار عن الواقع كان فيه هوة كبيرة وهذه سلبية إذ أن الحوار ينبغي أن يكون واقعياً وعملياً وترجى منه المصلحة أو المنفعة. والحجة الرأسية: أي الوصول إلى الهدف من أقرب طريق بدون ضياع لوقت أو إسهاب في مقدمات وأوجز لفظ.. أما الحجة الأفقية هي الإطالة والتكرار بدون فائدة. ونبل غايات الحوار: أي البعد عن الهوى إذ أن اتباع الهوى مفسدة ومضيعة، فيما ينبغي أن يقوم الحوار على أساس من إعلان الحق وتوضيحه. وخلاف بلا اختلاف: إن انصراف بعض المسلمين عن العلم النافع وإعراضهم عن النظر، فيما يهذب أخلاقهم ويشد عرى الإخاء بينهم، هو الذي جعلهم يوغلون في مثل هذه المسائل ويفرغون للخوض والنزاع فيها. وأن يكون محل الحوار صحيحاً : وهذا ما ينبغي أن يكون في أصول العقائد بين المسلمين وغيرهم وفي فروعها بين الفرق الإسلامية، كما أن الحوار القائم على أساس من المنهجية والحياد يساعد في اتخاذ القرار الصائب في أغلب الأحيان.
فيما ذكر الدكتور ماجد بن محمد الماجد في مبحثه عن آداب الحوار وضوابطه، نقاطاً مهمة بلغت اثنتي عشرة نقطة ففي البدء قال انه يجب أن توجد في أي حوار حقيقي وفعال، في ظل النظرة الإسلامية الصحيحة لا دعوة من دون حوار، وبهذا المعنى فإن الحوار يعني العدل والرحمة واحترام حرية الآخرين واحترام الآخر لا يعني بالضرورة الرضا بمعتقداته أو إقراره عليها وليس الهدف من الحوار مجرد فك الاشتباك بين الآراء المختلفة أو تحييد كل طرف إزاء الطرف الآخر، وإنما هدفه الأكبر هو إثراء الفهم المتبادل وترسيخ قيمة التعاون بين البشر، كما أنه واجب شرعي على العلماء المؤهلين، لأنه من أعظم سبل الدعوة إلى الإسلام. ولما كان للحوار أهدافه التي يرجى الوصول إليها فإنه يستوجب طائفة من الضوابط والآداب الواجب أن يلتزم بها.. ومن أهم هذه الضوابط:
التمسك بالثوابت الشرعية : وهذه تشمل أصول العقيدة ومبادئ الدين ومنها أن الإسلام قد جاء ناسخاً للشرائع السماوية التي سبقته فلا يجوز بأي حال القول بأن كل الأديان السماوية عند الله سواء، فهذا مما يفرغ الرسالة الإسلامية من مضمونها.. قال تعالى: (كُنءتُمء خَيءرَ أُمَّةٍ أُخءرِجَتء لِلنَّاسِ تَأءمُرُونَ بِالءمَعءرُوفِ وَتَنءهَوءنَ عَنِ الءمُنءكَرِ وَتُؤءمِنُونَ بِاللَّهِ) (آل عمران: 110).
وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلءنَاكُمء أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيءكُمء شَهِيداً) (البقرة: 143).
بيان المراد بحوار الأديان: وهذا شرط لابد من التمسك به قبل الدخول في أي حوار للأديان بالنظر إلى ما أحيطت به القضية من غبش في التصور أو سوء في المقاصد وانجراف بالغاية التي يجدر بحوار الأديان أن ينشأ من أجلها وليس كما هو عند مفهوم بعض الكنائس في الغرب.
المنهجية العلمية: وهذا ضابط يعني سلوك الطرق العلمية والتزامها ومن أهم سبلها تقديم الأدلة المثبتة أو المرجحة للدعوة وصحة تقديم النقل في الأمور المنقولة وفق القاعدة المعروفة: " إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدعياً فالدليل " قال تعالى: (قُلء هَاتُوا بُرءهَانَكُمء إِنء كُنءتُمء صَادِقِينَ) (البقرة: 111).
ومن ضمانات المنهجية في الحوار الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلمة كحسن الصدق وقبح الكذب وشكر المحسنين ومعاقبة المذنب. وعلى المحاور تجنب التفكير السطحي الذي لا يغوص في أعماق المشكلات، ولا يدرك أثر العلاقات ببعضها ولا يستوعب تأثير المتغيرات.
اعتماد الدليل والبرهان : ان القران الكريم لما دعا الناس إلى التوحيد لجأ في دعوته إلى الحجج العقلية والدلائل العلمية.. يقول تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الءأَرءضِ هُمء يُنءشِرُونَ * لَوء كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبءحَانَ اللَّهِ رَبِّ الءعَرءشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الانبياء: 21- 22).
ففي الآية دليل على برهان التمانع العقلي الذي يحتج به علماء العقائد إذ أن الله تعالى جمع في هذه الآية بين البرهان العقلي المتفق عليه والبرهان العلمي المشاهد فهو يخاطب المشركين أتستطيع آلهتكم إحياء الموتى وهو استفهام إنكاري).
حوار الأديان لا وحدة الأديان: الحوار في الإسلام مع الآخرين المقصود منه التعريف بالإسلام وإيجاد مساحة يستطيع الجميع من خلالها التعامل والتفاهم مع المخالفين، وليس المقصود من الحوار من أجل أن تنشئ ديناً جديداً كما يحاول البوذيون واليهود والنصارى وغيرهم، فلا دين حق إلا الإسلام، وفي ذلك يقول الله تعالى: (وَمَنء يَبءتَغِ غَيءرَ الءأِسءلامِ دِيناً فَلَنء يُقءبَلَ مِنءهُ وَهُوَ فِي الءآخِرَةِ مِنَ الءخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).
أما فيما يخص دعوى (وحدة الأديان )، فقد قررت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة أن من أصول الاعتقاد في الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة والتي أجمع عليها المسلمون أنه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام وأنه خاتم الأديان وناسخ لجميع ما قبله من الأديان والملل والشرائع، فلم يبق على وجه الأرض دين يتعبد الله به سوى الإسلام، وأن القرآن الكريم هو آخر كتب الله نزولاً وعهداً برب العالمين.
التكافؤ في فرصة الحوار: لابد أن يقوم الحوار بين أطراف متكافئة حيث أكدت شريعة الإسلام على العدل المطلق بين الصديق والعدو، مع القريب والغريب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالءقِسءطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوء عَلَى أَنءفُسِكُمء أَوِ الءوَالِدَيءنِ وَالءأَقءرَبِينَ إِنء يَكُنء غَنِيّاً أَوء فَقِيراً فَاللَّهُ أَوءلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الءهَوَى أَنء تَعءدِلُوا وَإِنء تَلءوُوا أَوء تُعءرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعءمَلُونَ خَبِيراً) (النساء: 135).
البعد عن التسرع في إصدار الأحكام : لقد اشتد نكير القرآن على المسارعين إلى إصدار الأحكام وإشاعتها دون السماح لها بالمرور بمنطقة الفهم والتبصر إذ أن التسرع في إصدار الأحكام دون روية مع عدم وضوح الرؤية يوقع في أغاليط وأخطاء.
ويتهدد القرآن الفاعلين لذلك بالعقوبة الإلهية لما يترتب على هذا الأسلوب في الحكم من أخطاء. قال تعالى: (يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنء تَعُودُوا لِمِثءلِهِ أَبَداً إِنء كُنءتُمء مُؤءمِنِينَ) (النور: 17).
حسن الاستعداد : والاستعداد هنا يعني أهمية المحاور وألا يمنع صاحب الحق عن حقه، ومن الخطأ أن يتصدى للدفاع عن الحق من لا يعرف الحق أو من لا يجيد الدفاع عن الحق.
البلاغة والايجاز : الحوار الناجح هو حوار يخلو من الإطالة الزائدة عن الحد التي تحول الحوار إلى خطبة يتشدق فيها كل طرف من أطراف الحوار.
القبول بسنة الاختلاف: يجب أن ينطلق الحوار من رؤية تحمل في طياتها جملة من العناصر أهمها القبول الواعي بسنة الاختلاف بين البشر، ووجود القبول الواعي بسنة الاختلاف بين البشر، ووجود التنوع والتغاير بين الملل والوعي الشامل بأهمية التفاهم والعيش المشترك بين الناس.
تجنب الهوى ونبذ التعصب: الهوى هو أحد المزالق الخطيرة التي يمكن أن تؤثر على المتحاورين وتخرجهم عن طريق الخير. قال تعالى: (فَإِنء لَمء يَسءتَجِيبُوا لَكَ فَاعءلَمء أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهءوَاءَهُمء وَمَنء أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيءرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهءدِي الءقَوءمَ الظَّالِمِينَ) (القصص: 50).
ترك المراء واللجاجة: ومعنى ذلك أن يتجنب الإنسان الجدال العقيم والفاحش والبذيء، وإذا أراد أن يجادل فلابد أن يجادل بالحسنى.
ولخص المحاضر إلى انّ آداب الحوار فتتمثل في الصدق والإخلاص. التسليم للحق والقبول به. تجنب اللدد والأخذ باللين. حسن الاستماع. الانفتاح على الآخر.
وعن البحث الثالث الذي قدمه الدكتور منقذ بن محمود السقار، والذي كان بعنوان: إشكاليات الحوار ومحظوراته فيقول عنه: شاء الله تبارك وتعالى بحكمته وقدرته أن يختلف الناس في أديانهم قال تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمء فَمِنءكُمء كَافِرٌ وَمِنءكُمء مُؤءمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعءمَلُونَ بَصِيرٌ) (التغابن: 2).
وقد أرسل الله أنبياءه يقيمون الحجة على خلقه يدعونهم إلى دين الله وكذلك المسلم مطالب بدعوة الآخرين إلى الحق الذي شرح الله له صدره وهو على يقين بأن هداية الله قد لا تكتب لكثيرين ممن يدعوهم فلا يمنعه ذلك من بلاغهم: (إِنء عَلَيءكَ إِلَّا الءبَلاغُ) (الشورى: 48).
والمسلم لا يتوقف عن التفاعل مع الآخرين اجتماعاً حضارياً رائده في ذلك كتاب ربه وأسوته نبيه، الذي كانت حياته نبراساً في التسامح وحسن التعايش مع الآخرين ممن تمادوا في الفهم من العقائد والأديان الباطلة.
وبما أن اليوم تزداد الحاجة إلى ثقافة الحوار في عالم أصبح قرية صغيرة تتلاقح فيها الثقافات فتزداد يوماً بعد يوم الحاجة إلى الحوار وإلى ضرورة تأصيله وآدابه ومحظوراته، والمتأمل في حياة النبي. لن تغيب عن عينه المواقف الحوارية الكثيرة التي حقق فيها النبي، أخلاق الحوار وآدابه كما علمه ربه وأدبه.وبمرور الزمن وعبر ممارسة المسلمين للحوار مع الآخرين بأنواعه ففيه تتبلور الرؤى للحوار وتظهر مشكلات تجاوزت الطرح النظري وهذه المشكلات هي: الحوار بين المداهنة والمداراة: إن الإشكالات التي يثيرها الرافضون لفكرة الحوار الحضاري تتعدد بتعدد مشاربهم واتجاهاتهم، فالبعض يرفضها لدواع عقدية وآخرون لدواع دعوية أو حضارية أو بسبب الممارسات الخاطئة التي اكتنفت التجارب السابقة.
والحق إن أحداً لا ينكر أن للغرب أهدافه الخاصة من الحوار إذ لن يظن بحال أن الآخرين يفكرون بمصالحه بمعزل عن مصالحهم وبرامجهم، فضلاً عن ما تعانيه المجتمعات الغربية من أزمة ونكسة في القيم الدينية والاجتماعية، والحق أن ما استشكله الرافضون للتعاون مع أهل الأديان سببه فهمهم التعاون على غير صورته الصحيحة.
الحوار ومسألة التقريب أو توحيد الأديان: ان أعظم إشكاليات الحوار هي صورة من صورة المداهنة المحرمة التي قد يقع فيها بعض المحاورين المسلمين تسويغ الأديان الأخرى والإقرار بمشروعيتها أو السعي للتوحد معها أو التوفيق بين الإسلام والأديان الباطلة ضمن مشاريع وحدة الأديان أو ما يسميه البعض تقريراً تقارب الأديان، إذ أن تسويغ الأديان الباطلة كفر ولا ريب، فالله لا يقبل من الأديان إلا الإسلام: (وَمَنء يَبءتَغِ غَيءرَ الءأِسءلامِ دِيناً فَلَنء يُقءبَلَ مِنءهُ وَهُوَ فِي الءآخِرَةِ مِنَ الءخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).
والحق أن افتراض حاجة المسلمين إلى هدى في غير الكتاب والسنة افتراض يجانبه الحقيقة، لأن التعاون الذي يتحدث عنه المسلمون في حواراتهم ليس في استخلاص ما يفيد المسلمين وما يضرهم اعتماداً على كتب أهل الكتاب أو غيرهم، فالتحسين والتقبيح إنما نرجع فيه إلى ديننا فحسب ولكنه تعاون في تحقيق ما اتفقنا وإياهم على حسنه ودفع ما اتفقنا على ضرره وسوئه.
الحوار وسيلة جديدة للتبشير: إن الذي دفع الغرب إلى الحوار هو انفتاح شعوبه على الإسلام واعتناق ألوف منهم إياه، وقد رأت تلك المؤسسات الغربية أن لا جدوى من المجابهة والتحدي، فلجأوا إلى الحوار للظهور بمظهر الندّ لا المهزوم والموافق لا المجابه. إن الحوار التبشيري الذي تتحدث عنه الكنيسة ليس ذاك الذي تديره مع المؤسسات العلمية والثقافية والدينية التي لا يمكن التأثير عليها، فمثل هؤلاء.. الحوار معهم محبذ ومحمود ونراه صورة لحوار النبي. مع أسقف نجران وأحبار اليهود وغيرهم من أساطين الوثنية.بينما الحوار الكنسي المستنكر هو ذلك الحوار الذي تمارسه المؤسسات التبشيرية في الظلام مع دهماء المسلمين وعامتهم، وهو ما قد ينجح فيه التبشير ويحقق ما يحذره المتشككون والرافضون لمشروع الحوار.
تصدي من لا يحسن الحوار لتمثيل الأمة المسلمة: يندد البعض بما جرى من جولات الحوار الديني والحضاري في العقود الماضية حيث يحضرها من يحسنه ومن لا يحسنه، فالكل فيها يتحدث باسم الإسلام، فضلاً عن كثرة الجهات التي تمارس الحوار ولكل وجهته وسبيله وهذه الكثرة مؤذنة بالاختلاف وذهاب الريح.
عدم الاعتراف بالإسلام من أحد المتحاورين، هل يمنع الحوار!!! إن عدم اعتراف أحد أطراف الحوار للآخر يسقط من نجاح الحوار، والحوار الحقيقي هو الذي ينطلق بين أنداد، وإذا كانوا لا يعترفون برسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، فأي حوار يمكن أن يكون معهم؟
وما يؤكد ذلك ما عبر عنه الكاردينال توران بالفاتيكان حين قال بأن المسلمين غير مؤهلين للحوار، لأنهم يعتبرون القرآن كلام الله الموحي وغير القابل للمجادلة والمراجعة وهذا ما يلحظه د. مازن مطبقاني في رؤيته للحوار، أما خالد القاسم فيرى أن الامتناع عن الحوار مع الظالمين واتخاذه منهجاً مطرداً فهذا يخالف منهج النبي عليه الصلاة والسلام، إذ حاور عليه الصلاة والسلام اليهود في المدينة وكانوا يكتمون ما أنزل الله ويلبسون الحق بالباطل، كما حاور نصارى نجران ودعاهم إلى المباهلة فرفضوا.
تأصيل مسألة التعاون مع غير المسلمين: ان ثمة مصالحنا في الحوار مع الآخرين لا نستطيع التنكب لها ولا الإعراض عنها ولا الغض من قيمتها حيث إن الحوار مطلب ديني حين يكون موضوعه دينياً إذ هو باب من أبواب الدعوة والتعريف بالحق الذي هدانا الله إليه، ذلك أن من واسع رحمة الله أن وضع بين أيدينا خاتمة شرائعه وجعل مبناها على رعاية مصالحنا في المعاش والمعاد.
إن مصالحنا في الحوار مع الآخرين والتنسيق معهم تزداد بقدر ما تعانيه البشرية في القرن ال 21من تحديات تتهدد الجنس البشري بأممه المختلفة وتستهدف استقراره على هذا الكوكب الذي منحه الله السيادة عليه، ومن هذه التهديدات هي تلك الآثار الكئيبة للعولمة التي تلقي اليوم بظلالها علينا والتي لا يمكن أن ننكر تأثر المجتمعات الإسلامية المختلفة بها التي تكثر وتزداد مع تقارب العالم حيث يسهل تناقل الجراثيم المعدية بفعل عوامل التقنية والاتصال الحديثة.
وختاماً فإن الإشكالات التي تقف في طريق الحوار لا تعني بحال الامتناع عن الحوار والنكوص عن هذه الوسيلة التي نراها واجباً حياتياً يمليه فقه السياسة الشرعية والذي بني في كثير من أحكامه على رعاية مصالح الأمة، وأن من مصلحتها اليوم تحالفها مع القوى التي تشاركنا في بعض التصورات على أن يكون تناغمنا معها ضمن الضوابط الشرعية التي لا تحل الحرام ولا تحرم الحلال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.