كم هي بحاجة إلى الوقوف أمام إنجازاتها أكثر من وقوفها أمام المرآة.. قال زميلي: اكتشفت أن المرأة طاقة هائلة وعطاء لا ينضب، إنها موظفة تستيقظ كل فجر فتوقظنا للصلاة، وتعد الإفطار والفسح وترتب هندام وشعور البنات والبنين، وتسبقني للسيارة بينما أعاني من هرش مؤخرة رقبتي وأنا أطالع جريدة الرياض وأشرب قهوتي. ما أكثر من ينافسن شريكة حياته، وما أكثر من أصيب منهن بالملل والإحباط لأنها لم تجد من يقول لها: إن الإسلام يعتبر خطواتك لعملك (عبادة)، وإن كل ريال تخففين به من أعباء زوجك صدقة... لا تستهيني بالريال، فالريال قد تحصلين منه على خمس تمرات. لا تستهيني بالتمرة فعائشة تقول: (جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة- مسلم 4- 2027) فكم أجر عائشة؟! والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل - البخاري 2- 511) ضعي تمرة بجانب جبل لترقصي من الفرح. فكيف إن كنت تشاركين في أجرة البيت والخادمة والسائق وهي واجبة عليه لا عليك، عندها تتفوقين على نفسك، وترفين نحو آفاق الإسلام ومعارجه التي تهتف بك: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو كالذي يصوم النهار ويقوم الليل - البخاري 5- 2237) تصوروا أن تكون الأرملة، أو المطلقة، أو الزوجة العاملة هي الساعية على الأبناء المساكين، أو حتى الزوج الذي كبت به الأيام أو سوق الأسهم.. ياله من ثواب ينتظرها!! لا تتحسري على ما أنفقته مع زوجك، أو على أبنائك حتى لو تنكر لك من تنكر، فأرصدتك هناك.. تتعاظم عند الكريم الأكرم.. تذكري أن تزيني جدران قلبك بهذه اللوحات، وزواياه بتلك الكنوز، ولكن قبل أن تفتحي مكتبك كل صباح، تأملي أسئلة تنتظرك في آخر نقطة تفتيش في حياتك: هل دخلك حلال؟ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. هل عملك يخلو من الاختلاس والوصولية على حساب الآخرين؟ هل يقع جسدك ضمن إحداثيات نزوات صاحب العمل؟ إن تجاوزت تلك الأسئلة، فهنيئا لك جنات أنت فتنتها وعبيرها.. هنيئا لك وجها ساحرا وجسدا فاتنا لا يعرف الترهل ولا الشيخوخة ولا الموت ولا القبح، ولا تشع منه سوى النضارة والعطور التي لا تتغير إلا إلى الأفضل.. هنيئا لك سياراتك وطائراتك وجزرك الخاصة، ويخوتك المبحرة نحوها، ووصيفاتك وحفلاتك وساحاتك ومزارعك، تنتقين حليك وأزياءك بلا حدود.. تختارين قصورك الفارهة المشيدة من الذهب أو الفضة أو الأحجار الكريمة.. هناك.. هناك في أرقى الأحياء، حيث يسكن محمد عليه الصلاة والسلام الذي يبشر: (من عال جاريتين حتى تدركا دخلتُ الجنة أنا وهو كهاتين) يدعوك لتكوني جارته، فياله من جوار.