فإشارة للمقال المنشور في جريدتكم؛ ذات العدد 14506، وتاريخ 1429/3/4ه، في زاوية كلمة "الرياض"، للكاتب الأستاذ يوسف الكويليت بعنوان (الخبز.. ومخزون القمح"). والذي ورد فيه ما نصه: (لا يوجد بالمفهوم اللغوي، ولا الاصطلاح التجاري أن الدقيق يطحن، إنما هو القمح..). وما ذكره الكاتب غير صحيح، بل هو خطأ واضح؛ واقتيات على اللغة خاصة ان يرد من شخص بحجم الأستاذ يوسف، ثم ان يتم التعبير عن هذا الخطأ، بصيغة القطع، ليس ذلك فحسب، بل وبصيغة العموم، وكأن الكاتب قد أحاط باللغة العربية، دراسة وإلماما. وهو بهذا ألغى جزءا هاما من علم البيان من فنون البلاغة، وهو ما يعرف بالمجاز المرسل. وتعريف المجاز المرسل هو: (اللفظ المستعمل في غير ما وضع له؛ لعلاقة غير المشابهة). ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ. وسمي بالمجاز المرسل؛ لأنه غير مقيد بعلاقة واحدة، كما هو الحال في الاستعارة المقيدة بعلاقة المشابهة فقط. وعلاقات المجاز المرسل كثيرة نجملها في الآتي: الجزئية، الكلية، المحلية، الحالية، السببية، المسببية، اعتبار ما كان، اعتبار ما سيكون. والأخير محل الشاهد، والمراد به: ان يستعمل اللفظ الذي وضع للمستقبل في الحال. وهذا له أمثلة كثيرة منها: في القرآن الكريم قوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون). المجاز في كلمة: ميت، فهي في غير معناها الأصلي، لأن المخاطب بهذا هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد خوطب بلفظ (ميت) وهو لا يزال حياً بالنظر إلى ما سيصير إليه، وهو اعتبار ما سيكون. ومثله قوله تعالى: (إني أراني أعصر خمراً) فالخمر لا يعصر بل العنب فهو باعتبار ما سيكون. ومثله قوله تعالى: (ولا يلدوا الا فاجرا كافرا). ومن ذلك: الدقيق فهو باعتبار ما سيكون. وبهذا يتضح ان هذا الاستعمال يتفق وقواعد العربية، وأنه استعمال صحيح فصيح. ونوجه بهذه المناسبة كلمتين: الأولى: لجريدة "الرياض"، والقائمين عليها؛ فلا بد أن يتفطنوا لمثل هذه الامور، ولا يسطروا في جريدتهم الا ما كان موافقا للغة العربية، وعلومها المضيئة؛ فليس الخطأ في كلمة؛ بل هو تغييب أسلوب بأكمله من أساليب اللغة. * وزارة الداخلية عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية