أكد خبير التنمية البشرية في تونس الدكتور علي حمدي ان اغلب سبل التوظيف في الدول العربية مستقبلاً ستنتقل لاعتبارات شتى من المؤسسات الكبرى إلى المؤسسات الصغرى والصغيرة موضحاً ان المؤشرات المستقبلية تؤكد على انتقال التوظيف من العمل المؤجر التقليدي إلى العمل المستقل. واشار حمدي في ورقة عمل حول دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دفع التنمية الاجتماعية وزيادة النمو الاقتصادي في البلدان العربية قدمت إلى مؤتمر العمل العربي في دورته الخامسة والثلاثين والذي عقد اواخر فبراير الماضي، اشار إلى أن المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة الكبرى اصبحت اليوم عاجزة على خلق مواطن الشغل بوفرة مثل ما كان الحال في الماضي. معتبراً ان ذلك السبب الرئيسي لبعث المؤسسات الصغرى كأحد الحلول المعتمدة في أغلب الدول ومنها الدول العربية للتخفيف من معضلة البطالة وذلك لما يمتاز به هذا النوع من المؤسسات من القدرة على التأقلم والاستجابة لمتطلبات التحولات الاقتصادية. واعتبر حمدي الملكية العائلية لوحدة الإنتاج أو لأحد أفرادها؛ وعدم الفصل بين عوامل الإنتاج أي بين العمل ورأس المال وإدارة المشروع. وكذلك عدم الفصل بين الإنفاق العائلي وتكلفة الإنتاج؛ بالإضافة إلى ارتكاز المؤسسات الصغرى والمتوسطة على تعويض عامل رأس المال بعامل العمل. من أهم ايجابيات المؤسسات الصغيرة. ورأى حمدي ان أهمية المؤسسات الصغرى في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية تستدعي جملة من التدابير ترتكز اساساً على عدد من النقاط اهمها تشخيص المجالات المثمرة ومزيد من الحفز على التجديد والاستنباط وخاصة في مجالات الصناعات التقليدية والمهن الصغرى قصد ضمان التشغيل المنتج وجودة الإنتاج والجدوى الاقتصادية والتوفيق بين الأصالة والحداثة والجانب الجمالي والجانب الوظيفي. كما رأى حمدي ان من المهم توفير الأرضية المناسبة لتطوير "الاقتصاد الاجتماعي" عن طريق خاصة اعتماد تجربة نظام التبادل المحلي systeme dechanges locaux) التي نجحت في العديد من البلدان. فتوظيف هذه التجربة يمكن ان تفك عزلة الانشطة في بعض القرى والمناطق وترسي حركية تبادل محلية خاصة وان اغلب المنتوجات الصغرى لا تقدر على المنافسة في سوق وطنية مفتوحة. كما شدد حمدي على أهمية تدعيم دور المنظمات المهنية في تأطير المؤسسات الصغرى حتى تكون السند الواقي للحرفي ويخلق فيه روح المبادرة والاستقلالية كمسؤول عن مؤسسة مما سيؤدي حتماً إلى مقاومة عقلية التواكل والاعتماد على الدولة وينمي فيه المبادرة الذاتية. وهذا التوجه يؤكده المسار التاريخي لهذه القطاع الذي نما وتطور كلما وجد عوامل الازدهار داخل منظومته الذاتية والطاقات الكامنة فيه والحوافز المشجعة له. وأكد حمدي ان تكثيف تبادل التجارب والخبرات العربية في مجال تنمية العمل المستقل وبعث المؤسسات للمساعدة على رسم الخطط القطرية وتنفيذها وتقييمها في إطار تطبيق الاستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة والتشغيل سيساعد دون شك على تأدية هذه المؤسسات لدورها الحقيقي في التوظيف وتخفيض نسبة البطالة.