عندما يأتينا من خارج الحدود من يقيم أسهمنا أو يقول لنا ان السعر العادل لسهم شركة مثل سابك هو 230ريالاً، أو أقل أو أكثر، فلم يأت بجديد، وسبق لمحللين سعوديين أن قوموا السهم بنفس السعر، وقالوا عن سابك نفس الكلام، ولكن يبدو أن التقييم الوارد من خارج الحدود له نكهة خاصة ويتسم بالمصداقية أكثر، ربما لعقدة يعاني منها الكثير مع كل أسف، بينما وفي واقع الحال استخدم المحللون السعوديون، خاصة المؤهلين منهم، نفس الأدوات والمعايير التي يستخدمها أي محلل أو مقيم للأسهم خارج الحدود، والمعياران الرئيسان يركزان على القيمة الحالية للتدفقات النقدية الحرة من أنشطة التشغيل، FCF، إضافة إلى القيمة الدائمة أو الأبدية للشركة، PERPTUITY، ويتم تقييم أي شركة بهذه الوسيلة بعد أن تتجاوز مؤشرات أداء سهمها التحليل الأساسي، وذلك باستخلاص هذه المؤشرات من القوائم المالية، ومن أبرز مؤشرات أداء أي سهم: مكرر الربح من التشغيل، مكرر الربح إلى النمو، مكرر القيمة الدفتري، العائد على حقوق المساهمين، والقائمة تطول. هذه المقدمة هي تبرير لمثل العنوان الرئيسي أعلاه، والذي دائماً ما تردني على مثله ردود سلبية من أناس ربما لا يفقهون مفهوم التحليل الأساسي أو تقييم الأسهم جوهرياً. لو أخذنا آخر قائمة للتدفقات النقدية لشركة سابك، العام 2007، كانت التدفقات النقدية من أنشطة التشغيل 42.6مليار ريال، وبعمليات طويلة ومعقدة يمكن الوصول إلى نفس النتيجة التي جاءت من خارج الحدود، ويكفي القول ان القيمة الدائمة لشركة سابك في أسوأ الاحتمالات تتجاوز 120ريالاً إذا اعتبرنا مصاريف سابك على التشغيل والتوسع في حدود 40في المئة من التدفقات النقدية ونسبة نمو التدفقات النقدية رقماً متواضعاً لا يتجاوز 5في المئة، ومعدل الخصم 9في المئة، وهي معدلات افتراضية لأسوأ الاحتمالات، وإذا أضفنا القيمة الحالية من التدفقات النقدية الحرة من أنشطة التشغيل، والتي ستعزز هذا الرقم بما يزيد على 140ريالاً، نصل إلى 260ريالاً للسهم كقيمة عادلة، هذا مع اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة، باستثناء المخاطر غير المنهجية والتي لا يمكن لأحد أن يتنبأ بها مطلقاً، وملكن شركة مثل "سابك"، تحتل في الوقت الراهن مكانة مرموقة بين الشركات العالمية العملاقة، ولها موزعون في جميع أنحاء العالم، ولديها حصون اقتصادية ممتازة ربما تتجاوز مثل هذه المخاطر غير المنهجية، خاصة وأنها تمتلك مجموعة من الشركات مثل: سابك للتسويق المحدودة، سابك للخدمات المحدودة، العربية للبتروكيماويات "بتروكيميا"، السعودية للحديد والصلب "حديد"، وسابك للاستثمارات الصناعية، وتتجاوز نسبة تملكها نسبة 50في المئة في شركات أخرى منها: الوطنية للبلاستيك "ابن حيان"، الوطنية للأسمدة الكيماوية "ابن البيطار"، الوطنية للغازات الصناعية "غاز"، السعودية الأوروبية للبتروكيماويات "ابن زهر"، والعربية للألياف الصناعية "ابن رشد" والقائمة تطول. تأسست الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، بتاريخ 13رمضان 1396، الموافق 6سبتمبر 1976، برأسمال قدره 10مليارات ريال موزعة على 10ملايين سهم قيمة كل سهم ألف ريال، وسجلت كشركة مساهمة سعودية بتاريخ 14محرم 1397الموافق 4يناير 1977.واستناداً إلى إقفال سهم "سابك" الأسبوع الماضي، 20صفر 1429، على 187ريالا، ناهزت القيمة السوقية للشركة 467.5مليار ريال، توزعت على 2.5مليار سهم، تبلغ حصة الحكومة فيها نسبة 70في المئة، بينما يمتلك المواطنون ومواطنو دول مجلس التعاون الخليجي نسبة 30في المئة. تراوح مجال سعر السهم خلال الأسبوع الماضي بين 172.50ريالاً و 188.25، بينما خلال عام بين 108.5ريالات و221.50، وبهذا يكون السهم تذبذب خلال عام بمعدل 68.48في المئة، وهو متوسط إلى منخفض، ما يشير إلى أن سهم "سابك" متوسط إلى منخفض المخاطر. من النواحي المالية، أوضاع الشركة النقدية مطمئنة جدا، فقد بلغ معدل المطلوبات إلى حقوق المساهمين 181في المئة وهو مقبول، والمطلوبات إلى الأصول 64.40وهو رقم جيد جداً أيضاً، وعند الربط بين هذه الأرقام ومعدلات السيولة النقدية البالعة 128في المئة، والجارية عند 214في المئة يتبين لنا أن الشركة محصنة ضد أي التزامات مالية قد تواجهها في المستقبل، خاصة على المدى القريب. وفي مجال الإدارة والمردود الاستثماري، جميع أرقام "سابك" تضعها في مركز الصدارة والتميز، فقد تم تحويل جزء جيد من إيراداتها إلى حقوق المساهمين، ليتجاوز العائد على حقوق المساهمين المعدل المرجعي البالغ 15في المئة، حيث بلغ نسبة 27.84في المئة عن العام الماضي 2007، و 22.25في المئة عن السنوات الخمس الماضي، نتيجة نمو المبيعات بنسبة 46.48في المئة العام الماضي، و نسبة 29.11في المئة عن السنوات الخمس الماضية، وهي جميعاً نسب ممتازة. وفي مجال السعر والقيمة، بلغ مكرر الربح 17.30ضعفا، وهو معدل جيد جداً مقارنة بقطاع الصناعة، خاصة في ضل مكرر الربح إلى النمو البالغ 0.27، ما يعني أن سعر السهم الحالي يعتبر أقل من قيمته العادلة بكثير، ولكن قيمة السهم الدفترية البالغة 36.46ريالاً، وهي دون المطلوب، لأن مكرر القيمة الدفترية تجاوز المعدل المرجعي عند 4أضعاف، حيث بلغ 5.13أضعاف، إلا أن النمو في جميع أنشطة الشركة الأخرى ربما يبرر قبول مثل هذا المكرر. وعند دمج القيمة الجوهرية للسهم، العائد على حقوق المساهمين، السيولة النقدية، والجارية، ومقارنة ذلك بمؤشرات أداء السهم الآخر، يكون هناك ما يبرر سعر السهم عند 187ريالاً. هذا التحليل لا يعني توصية من أي نوع، ويقتصر الهدف الرئيسي منه على وضع الحقائق أمام القارئ الذي يتحمل تبعات ما يترتب على قراراته الاستثمارية.