في العام الماضي حضرت دورة عن تصميم المستشفيات وكانت مخصصة للمعماريين والمخططين لمعرفة اخر التطورات في تصميم المستشفيات وفي استراحة الغداء لفت انتباهي تواجد احد الاخوة الذين لا نعرف تخصصه الهندسي وموقعه الجغرافي، فسألته عن ذلك فاخبرني انه طبيب!! قلت لعلك اخطأت في اختيار الدورة التي ترغب في حضورها اذ يعقد مع هذه الدورة دورات اخرى في فنون الطب المختلفة فقال لي: لا لم اخطئ ، وانا قد صممت منزلي وكذا انتهيت للتو من تصميم القسم الذي انا متخصص فيه فقلت متعجبا: ايها الطبيب الماهر هل تأذن لي ان اكون في عيادتك وان اجري فحوصات على مرضاك وان اعمد الى المشرط واجري عملية جراحية لاحد المرضى بعد ان اذكر لك اني عالجت ابني واحد زملائي بمثل هذه العمليات؟!فقال لي: لا وبصوت مرتفع ولن اسمح لك بذلك. ثم قال:وازيدك من الشعر بيتا لو ان طبيبا اخر من تخصص اخر عمد الى ما عمدت اليه لتمت محاسبته ومجازاته على ذلك، فقلت في نفسي: اين انت من قول ابن حزم رحمه الله (من مال بطبعه إلى علم ما وإن كان أدنى من غيره فلا يشغلها بسواه فيكون كغارس النارجيل بالأندلس وكغارس الزيتون بالهند وكل ذلك لا ينجب). كم يغرس بعض الاطباء في رؤوس بعض المعماريين نخلة او نخلتين جراء رغبتهم في تصميم اقسام لهم كانوا تدربوا فيها في بلد ما في دورة ما ورسخ التوزيع الفراغي في ذهنه ومخيلته ويريد ان يطبق ذلك التصميم في كل مستشفى يعمل فيه، تماما كمثل الذي تعود على بيته القديم الذي كان يسكنه ثم يطلب من المعماري ان يصمم له بيته الجديد بنفس تفاصيل البيت الذي كان يسكنه سابقا ويكون قد حفظه سرا وجهرا ولو اغمض عينه لتعرف على فراغاته (يمين مجلس.. امش شوي تحصل مغاسل وبعدين لف شوي تحصل المقلط وبعده المطبخ وبعدين الدرج والصالة وترجع الى المكان الذي كنت فيه والسلام ختام) فلم الحاجة الى معماري ومخطط؟!.